روسيا - أوكرانيا: بوتين يفعّل التهديد النووي بعد سماح بايدن لكييف باستخدام صواريخ أميركية ضد أهداف داخل روسيا، فهل يتعقّد مسعى ترامب لإنهاء الحرب؟ لم تكد الولايات المتحدة تسمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، حتى قصفت كييف الأحد وليل الاثنين الثلاثاء، منطقة أوبلاست بصواريخ من طراز آتاكاموس .كما أُعلن أمس عن استهداف قرية مارينا في منطقة كورسك الروسية بصواريخ بريطانية من طراز ستورم شادو.في الأثناء، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقع على تعديلا للعقيدة النووية، يقضي بخفض عتبة استخدام الأسلحة النووية للرد على أي هجوم بصواريخ باليستية أو مقاتلات ومسيرات.ووفقا لهذا التعديل، لم يعد التهديد الوجودي لروسيا وحده مبرراً للرد النووي، بل مجرد المسّ بسيادة روسيا أو حتى تهديد بيلاروسيا.وقد شكل هذا التطور توترا مفاجئاً في الأزمة الأوكرانية الروسية، إذ كانت الدوائر الدبلوماسية تحاول منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية استكشاف احتمالات التسوية لإنهاء الحرب. لذلك، بدا قرار الرئيس جو بايدن تمكين كييف من ضرب العمق الروسي كأنه تغيير للطريقة التي تشارك فيها الولايات المتحدة في الحرب، كما قال الناطق باسم الكرملين. أو كأنه مؤشر إلى رغبة الغرب في تصعيد التوتر.وفقا لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على هامش مشاركته في قمة العشرين في ريو دي جانيرو، ورغم أن العواصم الأوروبية أبدت تفهما للقرار الأمريكي، وأشارت خصوصا إلى أن روسيا هي التي غيرت طبيعة الصراع باستقدام أسلحة وقوات من كوريا الشمالية للقتال في أوكرانيا، إلا أنها لم تخفي قلقها.ولذلك دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الصين إلى دور رئيسي في تجنب التصعيد النووي . واكتفت بكين بالدعوة إلى الهدوء وضبط النفس وتغليب لغة الحوار.أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي انتقد قرار بايدن، فاعتبر أن التوتر الصاروخي المستجد بين روسيا وأوكرانيا قد يضع المنطقة والعالم على شفا حرب كبرى.ورغم أن قرار بايدن كان مجمدا ومتوقعا في أي وقت، فإن تفعيله في نهاية ولايته هو نوع من الدفاع عن الحرب التي تبناها ودعمها. واستباق لأي خطوات متسرعة قد يتخذها خلفه ترامب. لكنه ربما لم يتوقع رد فعل بوتين. وبالتالي فإن قراره قد يعقد أي تسوية مزمعة لإنهاء الحرب أو يؤخرها. لكن هذا يتوقف خصوصا على التطورات الميدانية وطبيعتها خلال الشهرين الفاصلة عن تسلم ترامب صلاحياته الرئاسية.
فرضت وزارة الخزانة الامريكية أمس، عقوبات على 6 من مسؤولي حركة حماس، 3 منهم مقيمون في تركيا والاخرون في غزة، وبررت ذلك بأنهم يحتفظون في الظاهر بأدوار مشروعة لكنهم يسهلون أنشطة إرهابية.جاء هذا القرار الامريكي في إطار الضغط على الحركة، كي توافق على مقترحات قدمتها واشنطن لوقف إطلاق النار والافراج عن الرهائن الاسرائيليين، وبينهم 7 مواطنين أمريكيين. ويمثل هذا القرار ايضا تحذيرا مباشرا لتركيا، لئلا تستضيف قادة حماس بعد مغادرتهم قطر بطلب امريكي.وكان تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، أفاد قبل يومين بأن قادة حماس غادروا الدوحة الاسبوع الماضي الى تركيا، لكن انقرة نفت عزمها على استقبالهم، الا انها وجهت دعوة الى اسرائيل لاستئناف المفاوضات، مبدية استعدادها لمشاركة مصر في جهود الوساطة بعدما جمدت قطر وساطتها.وذكر ان رئيس جهاز الشاباك رونين بار زار انقرة سرا للاطلاع على المبادرة، وما لبث رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ان رفض التعاون مع تركيا بصفتها وسيطا.ومن الواضح ان واشنطن غير موافقة أيضا، ولذلك بدأت ضغوطا على أنقرة، وقالت ان قادة حماس في اي دولة شريكة للولايات المتحدة سيواجهون بلوائح اتهام أمريكية وسيطلب تسليمهم لمحاكمتهم.وأمس، أوضح الناطق باسم الخارجية القطرية، أن مكتب حماس في الدوحة تأسس من أجل عمليات الوساطة، وعندما لا تكون هناك وساطة لن تكون له وظيفة، لكن قرار إغلاقه بشكل نهائي لم يتخذ بعد.وكما في كل مرة، يواجه طلب الأمريكيين إجلاء قادة حماس من الدوحة للضغط عليها، باحتمال المجازفة بانهيار المفاوضات نهائيا، أو الاضطرار للتفاوض مع الإيرانيين مثلا، في حال غادروا إلى طهران، خصوصا أن مفاوضي الحركة، الذين تقول الدوحة إنهم غير موجودين لديها الان، ليس لهم تأثير على قادة غزة الحاليين في شأن إطلاق الرهائن.ولا شك أن المفاوضات ستزداد تعقيدا إذا غادر القادة الدوحة إلى ملاذات غير معروفة والارتباط بينها وبين غزة، فسوريا ولبنان لم يعودا امنين، وحتى إيران غير امنة منذ اغتيال اسماعيل هنية في طهران، أما روسيا والجزائر فتشكلان ملجأين ولا تتيحان ممارسة أي دور سياسي منهما.
حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي أمس، 3 شروط لما سماه تهدئة في لبنان، وهي إبعاد حزب الله عن الحدود الشمالية لإسرائيل، وإغلاق أنابيب الأوكسجين، أي الإمدادات العسكرية للحزب عبر الحدود السورية، وضمان حرية عمل الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان.وقبل ذلك، كان بنيامين نتانياهو صرح بأنه لا يعتقد أن التسوية مع لبنان ستكون قابلة للتطبيق. وبعدما ترددت أنباء في بيروت بأن الجواب اللبناني على المقترح الأميركي إيجابي، بمعنى أن حزب الله وافق على شروط وقف إطلاق النار، سرعان ما تبين العكس، وأعلن أن المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين أرجأ زيارته لبيروت اليوم، في انتظار توضيح الموقف اللبناني.وذكر أن البندين اللذين رفضهما حزب الله، هما حق إسرائيل في التدخل متى ارتأت ذلك، واللجنة الدولية المقترحة بقيادة أميركية، لمراقبة تنفيذ القرار 1701.وفهم أن الجانب الأميركي، أبلغ المفاوضين اللبنانيين، أن هذين البندين غير قابلين للتغيير، وإن كان أوضح أن أي تدخل إسرائيلي، يمكن أن يحصل، فقط إذا تعذر على لجنة المراقبة أن تحل أي إشكال في التنفيذ.وكان احتمال الاقتراب من اتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان، استدعى تحركا ايرانيا قاد مستشار المرشد، علي لاريجاني الى دمشق وبيروت، وتبعته زيارة وزير الدفاع عزيز نصير زادة، ولقاؤه مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.ورغم التكتم، فإن المحادثات تناولت المأزق الحالي، مع تسليط الأضواء دوليا على نشاط حزب الله، والميليشيات الأخرى التابعة لإيران في سوريا، وكذلك استمرار تمرير الأسلحة والذخائر إلى حزب الله في لبنان، وهو ما طلبت إسرائيل وقفه، كشرط ليس فقط لوقف الحرب في لبنان، بل أيضا لعدم استهداف النظام السوري نفسه.وطوال الأسابيع الماضية، تكررت الغارات الإسرائيلية على المعابر الحدودية، الرسمية وغير الرسمية، لمنع الإمدادات العسكرية من سوريا إلى لبنان، لكن هذه الطريقة ليست فاعلة، وتشترط إسرائيل التزاما من نظام الأسد، مع ضمانات روسية، لقاء امتناعها عن القيام بعمليات داخل الأراضي السورية.وفي السياق نفسه، تتطلع واشنطن وأطراف أوروبية إلى مراقبة دائمة للمعابر الحدودية، باعتبار أن القرار 1701، يجيز عمليا لقوات اليونيفيل القيام بهذه المهمة.
كان أمس يوم تصعيد دموي قاس في قطاع غزة كما في لبنان، وهذا يتطابق مع توقعات سابقة بأن الفترة الانتقالية بين إدارتين أميركيتين ستكون صعبة ميدانيا، لأن أي مساع لتحقيق هدنة أو تهدئة مؤجلة بالضرورة. لكن التصعيد في شمال غزة هو بمجمله من الجانب الإسرائيلي، وقد استهدف مدرسة تابعة لوكالة الأونروا في بيت لاهيا، تستخدم مركزا لإيواء النازحين، وقصف مواقع في مخيمي النصيرات والبريج، وكانت الحصيلة أكثر من مئة قتيل وعشرات المفقودين وعشرات المصابين، وجميعهم من المدنيين.واقعيا، لم يعد للأنشطة العسكرية في شمال غزة أي هدف يراد تحقيقه، سوى إدامة الحرب في انتظار تنازلات ما، من حركة حماس، يمكن أن تعيد إحياء التفاوض على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، غير أن المفاوضات مجمدة.كما أن الاتصالات الجارية في واشنطن، بين الموفدين الإسرائيليين ومسؤولين في الإدارتين الحالية والمقبلة، لم تتناول الوضع في غزة بعد، ولا يبدو أنها ستتطرق إليه قبل تسلم الرئيس الأميركي الجديد منصبه، إذ أن إسرائيل تريد أن تناقش صيغة تشمل بقاءها في قطاع غزة، وضمها للضفة الغربية، لذلك يفهم التصعيد الحالي بسعيها إلى تثبيت وقائع جديدة على الأرض، وإخلاء مناطق في غزة من السكان.أما بالنسبة إلى لبنان، فمن الواضح أن التصعيد يرمي إلى الضغط على حزب الله، كي يعطي موافقته على وقف إطلاق النار وفقا للشروط التي حددها مقترح أميركي، سلم إلى رئيسي مجلس النواب والحكومة، اللذين يفترض أن يرد عليه بملاحظاتهما في أقرب وقت.ومع أن الأوساط الدبلوماسية في واشنطن، مقتنعة بأن التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان، قد يتم في غضون أسبوعين، إلا أن الشروط المتعلقة باليات تطبيق القرار 1701، ليست محبذة من جانب الحزب، خصوصا ما يتعلق منها بلجنة الإشراف على التنفيذ، بمشاركة أميركية وفرنسية مع دولة عربية قد تكون الأردن.بالإضافة إلى مسألة لم توضح بعد، وهي الاعتراف الأميركي لإسرائيل بحقها في القيام بعمليات عسكرية كلما اشتبهت بأنشطة مهددة لأمنها، وهذا مرفوض ليس فقط من حزب الله، وإنما من مجمل الأوساط السياسية في لبنان.
ربما لم تخشَ السلطات الفرنسية من تبعات حضور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أراضيها، كما حدث خلال الأسبوع المنقضي. فعلاوة على السياق المرتبط بالحرب في قطاع غزة ولبنان، سجلت كرة القدم حضورها أيضًا، مما دفع السلطات الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات أمنية استثنائية لمباراة بين فرنسا وإسرائيل يوم الخميس الماضي. ومع ذلك، كشف هجر الجمهور للملعب أن هذه السلطات ربما كانت مبالغة في تخوفاتها. إن العودة إلى مواقف كبار المفكرين الفرنسيين والشخصيات العامة خلال القرن العشرين تؤكد هذه المغالاة الرسمية اليوم. بعض هذه المواقف ستكون بالتأكيد صادمة في ظل المغالاة الحالية، وربما لهذا السبب يتم تغييبها.فعلى الرغم من مساندته لإسرائيل في قيامها كدولة وفي حربها ضد العرب، فإن الفيلسوف جان بول سارتر منح الحق للطرف الفلسطيني في الدفاع عن نفسه حتى بأقصى الوسائل، التي قد تصل حد الإرهاب. وهو نفس الموقف الذي أعلن عنه في دعم الثورة الجزائرية.أما الفيلسوف جاك دريدا، فقد كان يساند في الوقت نفسه مشروع قيام دولة إسرائيل وحقها في الوجود، لكنه ظل متمسكًا بفكرة أن تأسيس هذه الدولة كان عنيفًا، وأنه تم على حساب مأساة أخرى هي مأساة الفلسطينيين.المؤرخ مكسيم رودنسون ذهب أبعد من ذلك، وفاءً للمنهج التاريخي، حيث رأى أن قيام دولة إسرائيل كان جزءًا من مشروع استعمار، وكل الخوف من أن يستمر هذا البعد الاستعماري مع الدولة الفتية.وقد شاركه في هذا التخوف، خاصة سارتر، الذي اعتبر أن مشروع دولة إسرائيل إذا تحول إلى مشروع دولة وطنية، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى حرب مستمرة قد تكون على حساب اليهود أنفسهم.إذا استحضرنا السياق الحالي للسياسة الرسمية الفرنسية في هذا الموضوع، وافترضنا أن هذه المواقف الفكرية السابقة قيلت اليوم، فليس من المستبعد أن يتم تصنيفها ضمن الخطابات المعادية للسامية.ولا يقتصر التعارض بين الأمس واليوم على مستوى المواقف الفكرية فقط، بل إن الموقف الرسمي نفسه أصبح أكثر حساسية ومغالطة مقارنة بعهد سابق، حيث عبّر الجنرال شارل ديغول عن تذمره من حملة الدعاية الواسعة التي قادها الفرنسيون من الطائفة اليهودية لصالح إسرائيل خلال حرب 1967.إن واقع السياسة الإسرائيلية اليوم هو بالضبط ما كان يخشاه دريدا وسارتر، وكذلك الفيلسوفة حنا أرندت. ولا يوجد مبرر للمبالغة في الموقف الرسمي الفرنسي اليوم بعيدًا عن مبادئ جمهوريته ومفكريه.
يرفضُ المسؤولون المعنيون في بروكسيل التسليمَ بمقاربة سلبيةٍ حيال َسلوك ِالادارة القادمة على الضفةِ الأخرى من الأطلسي لكي لا تتضررَ العلاقات ُالدقيقة بين الجانبين ، لان أوروبا تأملُ بأن يبقى التزامُ واشنطن تجاه "الناتو" والأمنِ الأوروبي قويّاً في ظلّ رئاسة ِترامب، لكن ذلك سيتوقفُ ايضا على زيادةِ الدول الأوروبّية لإنفاقها الدفاعي . والأرجحُ ان تشددَ أوروبا على ان تسمحَ واشنطن لأوكرانيا ان تحددَ بنفسِها توقيتَ المشاركةِ في عمليةِ التفاوضِ والشروطِ اللازمة لذلك، مع الدعوة الى استمرار منحِ كييف كلِّ الوسائل ِاللازمةِ للدفاع عن نفسِها. والأرجحُ ان تشددَ أوروبا على ان تسمحَ واشنطن لأوكرانيا ان تحددَ بنفسِها توقيتَ المشاركةِ في عمليةِ التفاوضِ والشروطِ اللازمة لذلك، مع الدعوة الى استمرار منحِ كييف كلِّ الوسائل ِاللازمةِ للدفاع عن نفسِها.وتتوافق ُغالبيةُ الأوساطِ الرسميةِ الأوروبية على أن اعادةِ انتخابِ الرئيس دونالد ترامب تمثلُ تحدياً لأوروبا وللعلاقات الأطلسية - الأطلسية.لا يقتصرُ القلقُ على الموقف من حربِ أوكرانيا بل يتعداه إلى الاتجاه ِالاحادي الذي لا يأخذُ بعين ِالاعتبار ِ مصالحَ الحلفاء.عندَ كل ِانتقال ٍفي البيت الأبيض، يبني الاتحادُ الأوروبي غالبيةَ حساباتِه في السياسة الخارجيةِ بالقياس لتوجهات واشنطن. ومن الواضح ِان الرهانَ على سياساتِ جو بايدن كان مبالغاً به لأن الولاياتِ المتحدةَ تبقى الولاياتِ المتحدة وثوابتُ سياساتِها لا تتبدلُ كلياً. والآن على ابوابِ بدء ِالولاية الرئاسيةِ الجديدة، سينفذُ دونالد ترامب ما كانَ يقولُه عن سياستهِ الخارجية التي سترتكزُ على: رفضِ التبادل التجاري الحر ، الاحاديةِ ، ادانةِ المنظمات الدولية والدبلوماسية المتعددةِ الأطراف والجنوب الصاعد، كرهِ الاتحاد الأوروبي ببساطه لانه يسجلُ فائضا في مبادلاتهِ مع الولايات المتحدة ،ممالأةِ الاستبداديين الاقوياء عدمِ الاهتمام بمخاطر النفوذ الروسي في أوروبا، انكارِ التغييرات المناخية وآثارها، اللامبالاةِ تجاه َطبيعة الأنظمةِ السياسية . ويبدو ان الإعلانَ عن التعييناتِ الاولى في الادارةِ يؤكدُ هذه التوحهات.هكذا يعتبرُ الأوروبيون انهم سيعانون من حقبةِ ترامب. لكن بالطبع لن يشملَ ذلك صديقهَ الرئيس الهنغاري فيكتور أوربان الذي يعزفُ على نفس الوتر، او رئيسةَ وزراء إيطاليا جورجيا ميلاني التي ستحاولُ لعبَ دور الوسيط ِ بين الولايات المتحدة والمؤسسات الأوروبية.في عالم ترامب، سيكون هناك رابحون في المشهد السياسي الأوروبي وخاصة احزابُ اليمين المحافظ وأحزابُ أقصى اليمين التي ستحاولُ الاستفادةَ من تفاعلات ِعودةِ الترامبية من اجلِ تعزيزِ مواقعِها او حصد نجاحاتٍ جديدة على المنوال الاميركي.يتهيبُ الاتحادُ والعالمُ صدمةَ رجوع ِصاحبِ الشعر الذهبي إلى المسرح الدولي ، لانه يؤمنُ بان مصاعبَ امريكا تأتي بسببِ النخب ومصادرِها الهجرة والعولمة والتزامات ِواشنطن الخارجية. يبقي ترامب على التزامهِ بالجيش القوي فقط لكن ذلك لن يضمن بقاءَ بلادُه قوة ًعظمى ، وستكون تلك مشكلتُه. اما مخاوفُ أوروبا فلا تعالجُ من دونِ معالجةِ ازمتِها البنيوية وتحولِها إلى قطبٍ جيوسياسي قادر.
حكومة بزشكيان مستعدة للتعاون مع وكالة الطاقة الذرية تخفيفاً للتوترات مع الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي واستباقاً لتشدد إدارة ترامب. أبدت إيران استعدادا للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإزالة جوانب الغموض والشكوك حول أنشطتها النووية السلمية.هذا ما أبلغه الرئيس مسعود بزشكيان لمدير الوكالة رفائيل غروسي الذي زار طهران والتقى وزير الخارجية عباس عراقجي ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، اللذين أكدا بدورهما استعدادا للتفاوض لكن ليس تحت الضغط والترهيب.وكان غروسي استبق وصوله بتصريحات لفت فيها الإيرانيين إلى أن الوضع الدولي يزداد توترا، ومن الضروري إيجاد حلول دبلوماسية لأن هوامش المناورة بدأت تتقلص. ورد عليه عراقجي بأن الظروف مهيأة لتطوير التعاون.وبعد محادثاته، دعا غروسي أمس للتوصل إلى نتائج ملموسة واضحة، تظهر أن العمل المشترك يحسن الوضع ويبعده عن الصراعات، وفي نهاية المطاف عن الحرب.وشكت وكالة الطاقة الذرية في الأعوام الأخيرة من خفض طهران تعاونها معها في تمكينها من مراقبة أنشطة المنشأة النووية، إذ أزالت بعض الكاميرات وألغت اعتمادات عدد من المفتشين، كما أنها لم تعط تفسيرا لوجود أثار يورانيوم في مواقع لم يعلن عنها مسبقاً.وزاد قلق الوكالة بعدما ابتعدت طهران عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67%، كما نص الاتفاق النووي عام 2015. ورفعت نسبة التخصيب الى 60% القريبة من 90% الضرورية لصنع اسلحة نووية.واتخذت زيارة غروسي أهمية خاصة بسبب توقيتها، إذ تأتي بعد التوترات بين إيران وإسرائيل وتبادله هجمات صاروخية مباشرة واستمرارها في التهديد بمزيد من المواجهات. وتأتي ايضا بعد أسبوع من انتخاب دونالد ترامب الذي ألغى مشاركة الولايات المتحدة في الاتفاق النووي ومارس سياسة الضغوط القصوى بالعقوبات ضد ايران. وهو اختار حتى الآن شخصيات متشددة تجاهها ليكونوا أعضاء في إدارته المقبلة.لكن هذه أيضا الزيارة الأولى لغروسي بعد انتخاب بزشكيان رئيسا لإيران وبداية تبلور توجه سياسي جديد قد يظهر في التعامل مع وكالة الطاقة الذرية قبل اجتماع مجلس محافظيها الأسبوع المقبل في فيينا. خصوصا أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 تسعى إلى إصدار قرار جديد ضد إيران لإدانة انتهاكها قيود ذلك الاتفاق.
تراقب الدوائر الدبلوماسية مسلسل التعيينات والترشيحات، التي يعلنها الرئيس المنتخب دونالد ترامب لأعضاء إدارته، وأظهر معظم الأسماء توجها إلى اليمين المتشدد، المؤيد للعقيدة الترامبية أميركا أولا. ويفيد محللون أميركيون بأن خيارات الرئيس تراوح بين مكافأة الذين ظلوا موالين له، وتقريب جمهوريين لم يكونوا معه، لكنهم غيروا مواقفهم.وتنصب التساؤلات عما إذا كان هؤلاء يدعمون فعلا إعلان ترامب عزمه على إنهاء الحروب، رغم أن خلفيات مستشار الأمن القومي مايك والتس، والمرشحين للخارجية ماركو روبيو والدفاع بيتر هيكس، وكذلك المرشحين للمناصب الأمنية والسيادية، لا توحي بسياسات صديقة لروسيا أو استعداد لتزكية الاحتلال الروسي للأراضي الأوكرانية، لكنها في الوقت نفسه كانت منتقدة بشدة للإنفاق العسكري الضخم لدعم أوكرانيا في حربها، من دون أن تعلن إدارة جو بايدن عن استراتيجية واضحة بالنسبة إلى إنهاء الحرب.غير أن المراقبين المعنيين بالشرق الأوسط يجدون أن القاسم المشترك بين جميع وزراء ترامب وموظفيه في المناصب العليا، هو تأييدهم المطلق لإسرائيل وعدائهم المعلن لإيران، فجميعهم يصطفون مثلا، وراء دعوة ترامب نفسه، رئيس الوزراء الإسرائيلي للانتهاء من المهمة في غزة ولبنان في أسرع وقت، كما أنهم سبق أن أعلنوا مواقف مؤيدة للأنشطة الاستيطانية والخطاب المتطرف الذي يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.وفي هذا المجال جاء تعيين مايك هاكابي سفيرا في إسرائيل، وأليس ستيفانيك مندوبة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، واضحا في أهدافه، إذ كان هاكابي صرح سابقا بأنه لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية ولا مستوطنات ولا احتلال.أما ستيفانيك فليست أقل عداء للأمم المتحدة من إسرائيل، وقد عرفت خصوصا استجوابها الحاد لرؤساء الجامعات في الكونغرس، وطلبها قمع تحركات الطلاب الداعمين لوقف الحرب على غزة.أما ما يوضح أحد توجهات ترامب فهو تعيينه لرجل الأعمال وقطب العقارات ستيف وتكوف مبعوثا خاصا في الشرق الأوسط، وسبق لوتكوف أن أعلن إعجابه بالواجهة البحرية لغزة واستعداده للاستثمار فيها.
من الواضح أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أنعشت دعوات اليمين المتطرف الإسرائيلي إلى ضم الضفة الغربية، بالإضافة إلى تثبيت احتلال قطاع غزة، وهي أطروحات لم تكن إدارة جو بايدن لتشجعها، رغم أنها أخفقت في وقف مشاريع الاستيطان. ففي دعوته لاعتبار 2025، سنة السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، استند وزير المال بتسلئيل سموتريتش إلى وجود قانون يمنع إقامة دولة فلسطينية، لكنه اعتبر أيضا أن انتخاب ترامب فرصة لبسط السيادة الإسرائيلية على الضفة.وتزامنت هذه الدعوة مع ختام القمة العربية الإسلامية في الرياض، التي دعت إلى وقف الإجراءات الإسرائيلية اللا شرعية في الضفة، كونها تقوض حل الدولتين وتقتل فرص تحقيق السلام، وطالبت مجلس الأمن والمجتمع الدولي بإدانة السياسات الاستعمارية، التي تنتهجها السلطة القائمة بالاحتلال لضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة.ونص بيان القمة أيضا، على ضرورة محاسبة المستوطنين، على الجرائم التي يرتكبونها بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته، بل دعا إلى تصنيفهم كمجموعات وتنظيمات إرهابية وإدراجها على قوائم الإرهاب الوطنية والعالمية.جاءت هذه المطالب العربية الإسلامية، في وقت كثفت السعودية العمل على تعزيز التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، الذي تدعمه وتريد تفعيله، في مواجهة أي ضغوط من إدارة ترامب لتسريع التطبيع بينها وبين إسرائيل.ونقلت هيئة البث الإسرائيلية أمس، أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قال في محادثات خلال الأيام الأخيرة، إنه يعتزم إعادة قضية ضم الضفة الغربية إلى أجندة حكومته، ما أن يدخل ترامب البيت الأبيض، وبذلك ينضم نتانياهو إلى أصوات أخرى في الحكومة تدعو إلى استئناف سياسة ضم الأراضي.وفيما ردت الرئاسة الفلسطينية، بأن سنة 2025، ستكون سنة قيام الدولة الفلسطينية، أوضحت الخارجية الفلسطينية أن إجراءات الضم المعلن وغير المعلن مستمرة، وتتمثل في تصاعد عمليات مصادرة الأراضي وتزايد هجمات المستوطنين وشق المزيد من الطرق الاستيطانية وتقطيع أوصال الضفة.وحذرت من أن المخاطر الماثلة تستدعي تدخلا أمريكيا ودوليا عاجلا، لكن أحدا لا يعرف ما إذا كان لدى ترامب مواقف مختلفة عما تضمنته صفقة القرن، عام 2020، من ترخيصا إسرائيليا بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.
ركزت القمة العربية الإسلامية في الرياض أمس، على ضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة ولبنان، وهي رسالة موجهة بشكل خاص إلى الولايات المتحدة، التي دخلت مرحلة انتقالية بين الرئيسين إدارتين. لكن الحرب فرضت نفسها على أجندة نقل السلطة، بدليل أن التحرك نحو وقف لإطلاق النار في لبنان يشهد مزيدا من الزخم، وسط سيل من التسريبات الإسرائيلية عن وجود مسودة اتفاق توضع اللمسات الأخيرة عليها في واشنطن، بين وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ومسؤولين في إدارة جو بايدن وأعضاء في فريق الرئيس الجديد ترامب.وذكر أن اتصالات حصلت بين واشنطن وباريس لدعم مشروع وقف إطلاق النار في لبنان، كما أشير إلى أن الوزير ديرمر زار موسكو سرا، للبحث في دور روسي يمكن أن يكون مساعدا، تحديدا في إلزام النظام السوري بمنع تمرير أسلحة إلى حزب الله في لبنان، بل تردد في هذا المجال إمكان نشر فرق شرطة روسية في كل النقاط الحدودية بين سوريا ولبنان.وذهبت التسريبات بعيدا، فقالت إن التعاون الروسي سيلاقي باستثناء شركات روسية تعمل في سوريا، من العقوبات الأميركية.في الأثناء، تواصل مصادر المفاوضين اللبنانيين نفي تلقيهما أي مسودة وانتظار وصول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين.ومع التفاؤل الذي أبداه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في خطابه أمام قمة الرياض، لم يصدر أي تعليق من رئيس البرلمان نبيه بري، لكن الأوساط القريبة من حزب الله لا تخفي قلقها من اتفاق يجري صوغه في واشنطن وفقا للشروط الإسرائيلية، كما تعتبر.والمعروف أن أبرز هذه الشروط أن تحصل إسرائيل على ضمانات أميركية مكتوبة قيل أنها قيد الصياغة، لتحتفظ إسرائيل بموجبها بإمكان مهاجمة لبنان، كلما وقعت انتهاكات من جانب حزب الله لأي اتفاق يمكن التوصل إليه، وهي كانت طلبت ضمانات مماثلة قبل أي وقف للنار في غزة.لكن لبنان يفضل أن يبقى الاتفاق في إطار القرار الدولي 1701، الذي يلحظ التزاما بترتيبات معينة من جانبي الحدود، ولا يمنح أيا من الطرفين امتيازات خاصة.وسبق لإسرائيل أن أقحمت هذا الشرط في اتفاق سلام أعد بعد اجتياح لبنان عام 1982، ما أدى إلى إسقاطه.
بين هدنة لا تزال الإدارة الأميركية تسعى إليها في غزة، وهدنة أخرى يراد تحريكها في لبنان بموافقة ضمنية من فريق الرئيس الجديد دونالد ترامب، ظل الأمر أمس في حدود الكلام، لكن يتوقع وصول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى المنطقة في الأيام المقبلة، وسط احتمال بأن يكون وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، حمل إلى واشنطن اقتراحات جديدة فيما يتعلق بشروط وقف إطلاق النار في لبنان، أما الاتصالات في شأن غزة فاصطدمت بعراقيل إضافية. وفي انتظار أي تقدم، تستمر المواجهات في شمال غزة وجنوب لبنان، مع تسجيل إسرائيل أمس مجازر عدة في لبنان كما في جباليا، وكانت غالبية ضحاياها من المدنيين.وبعد أنباء متداولة عن طلب أميركي من قطر بطرد قياديي حركة حماس من الدوحة، أعلنت قطر رسميا تعليق جهود الوساطة التي تقوم بها إلى جانب الولايات المتحدة ومصر.وقال الناطق باسم الخارجية إنها أخطرت بذلك الأطراف قبل عشرة أيام أثناء المحاولات الأخيرة للتوصل إلى اتفاق، وستستأنف تلك الجهود عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب.وفهم أن الدوحة تلوم حماس وإسرائيل معا على فشل المفاوضات، إلا أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، قال أمس إن حماس تحديدا وليست إسرائيل، هي التي تعرقل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.ورغم عدم نفي الطلب الأميركي بإغلاق مكتب حماس، فإن الدوحة اعتبرت أنه طالما هناك رفض للتفاوض بحسن نية، فإنها لن تتمكن من الاستمرار في الوساطة، ونتيجة لذلك لم يعد المكتب السياسي لحماس يخدم الغرض منه.ولكن بعيدا عن الإعلام، تفضل الأطراف جميعا أن تبقى حماس في الدوحة، طالما أن وجودها يوفر قناة اتصال حيوية مع الذين يحتجزون الرهائن الإسرائيليين في غزة، إذ أن انتقالها إلى أي بلد أخر سيجعل التفاوض أكثر تعقيدا.في غضون ذلك، حاول الجيش الإسرائيلي تبرير غاراته على مخيمات النزوح في غزة، باستهداف عناصر من حماس، لكن رئيس الأركان هيرتس هافيلي قال خلال زيارة إلى جباليا لن نتوقف، فالأمر يتعلق بإعادة الرهائن وضمان سلامة المجتمعات المحيطة في جنوب إسرائيل.أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقال أمس إن قطاع غزة يتعرض لنكبة ثانية وحرب إبادة، لكنه شدد على أن مخطط التهجير القسري الذي تنفذه إسرائيل لن يمر.
خلال ولايته الأولى، تصرف الرئيس ترامب بشكل مخالف للأعراف والتقاليد وحتى القوانين الأميركية. فقد حرض أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول لوقف التصديق الرسمي على انتخاب الرئيس جو بايدن، وفرض حظرًا على مواطني عدد من الدول ذات الأكثرية المسلمة، كما قام بالتحريض على الصحافة الأميركية واصفًا إياها "عدو الشعب". حينذاك، وجد ترامب نفسه في مواجهة مع بعض كبار المسؤولين في حكومته الذين حاولوا إقناعه بعدم تنفيذ قرارات متهورة على الصعيدين الداخلي والخارجي، مما أدى إلى إقالة أو استقالة عدد من المسؤولين الكبار، مثل وزيري الدفاع والخارجية، ومستشاري الأمن القومي وغيرهم.الاعتقاد السائد اليوم هو أن ترامب لن يعين مسؤولين بارزين ذوي نزعة استقلالية، ما يعني أن الضوابط التي كانت تقيده خلال ولايته الأولى لن تكون موجودة خلال ولايته الثانية.وفي حملته الانتخابية، لم يتردد ترامب في توجيه التهديدات ضد من يعتبرهم أعداءه في الداخل، مثل رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي والنائب آدم شيف، بالإضافة إلى شخصيات إعلامية واصفًا إياهم "أعداء الداخل". ويتخوف الذين تجرأوا على انتقاد ترامب من احتمال استخدامه لوزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي كسلاح لإخراج وترهيب خصومه السياسيين والإعلاميين.من المتوقع أن يواصل ترامب نهجه الانعزالي في السياسة الخارجية تحت شعار "أميركا أولًا"، كما فعل خلال ولايته الأولى عندما قوض الأعراف والتقاليد، وعزز علاقاته مع بعض القادة الطغاة أو الرجال الأقوياء.في المقابل، يهدد ترامب بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذا لم يقم أعضاء الحلف بزيادة ميزانياتهم العسكرية وتخفيف اعتمادهم على واشنطن. وقد انتقد ترامب بشدة تسليح حلف الناتو لأوكرانيا، ومن المتوقع أن يقلص أو يوقف هذا الدعم.كما تجاهل ترامب كليا انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأوتوقراطية، وكذلك في الدول الصديقة والحليفة في الشرق الأوسط، وهو ما يفسر ارتياح الدول ذات الأنظمة الأوتوقراطية لإعادة انتخابه.ومع أن ترامب انتقد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بسبب إدارته لحرب إسرائيل ضد غزة، إلا أنه حض إسرائيل على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وأشاد بما وصفه "إنجاز المهمة" ضد غزة ولبنان، في إشارة إلى الإسراع بالقضاء على حركة حماس وحزب الله.من المتوقع أن يواصل ترامب سياسته المتشددة ضد إيران، مع تفادي الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة معها. كما سيحاول توسيع رقعة "اتفاقات أبراهام". ويخشى العديد من الخبراء في شؤون التجارة الدولية أن تؤدي التعريفات الشاملة التي يهدد ترامب بفرضها ضد الصين إلى حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
فعلها دونالد ترامب مرةً ثانية وانجزَ عودةً تاريخية إلى البيت الأبيض خلافاً للتوقعاتِ واستطلاعات الرأي. وهكذا ثبُتَ ان التاريخَ يكونُ احياناً ما لا نتوقعُه . وسجلَ هذا الفوزُ الكبيرُ ردَ اعتبارٍ لشخصٍ متهم، وهو الذي وقفت بوجهِه منظومةٌ متكاملةٌ اعتبرتهُ من الطارئين. والذي يزيدُ الإثارة في عودةِ ترامب كونُه اختصرَ حزبَه وفريقَه الانتخابي ودارتِ المعركةُ حولَ شخصِه واطروحاتِه. ولم تقتصرِ المكاسبُ على الفوزِ بالرئاسة، اذ تمكنَ الحزبُ الجمهوري من احراز الأغلبيةِ المطلوبة في مجلسِ الشيوخ، واحتمالِ الحصول على أغلبيةٍ مماثلةٍ في مجلس النواب.ويُطلَق على هذا الفوز الكاسح لقب "الموجة الحمراء" إشارةً إلى سيطرةٍ كبيرة للحزبِ الجمهوري في الانتخابات ( الموجه الزرقاء تخص الحزبَ الديمقراطي). عدةُ عواملَ أدت إلى هذه الموجة الحمراء : الإقبالُ العالي من الناخبين المحافظين، عدم ُرضا الناخبين عن سياسات الحزب الديمقراطي الحاكم، الرغبةُ في تغيير مسارِ البلاد نحو سياسات ٍأكثرَ تحفظاً. يدفع كلُ ذلك إلى التساؤل ما إذا كان ترامب قد غيرَ أميركا، أو هل أن الولايات المتحدة هي التي تغيرت ؟ لا يمكنُ الاكتفاء ُبأحد الاحتمالين للإحاطة بالوضع الاميركي اذ كيف يمكنُ تصورُ الانتقال من اولِ رئيسٍ ملون هو باراك اوباما في 2008 إلى رئيسٍ مؤمن بتفوق العنصر الابيض هو دونالد ترامب في 2016 . ويعكس ذلك الانقسامُ العميق في المجتمع الاميركي ووجودُ رؤيتين للعالم ومقاربةُ قضاياه . وقد انتجَ هذا التغييرُ والقلقُ في آن معاً صعودَ ثورة ٍمحافظة تقليدية في وجهِ صدمةِ الإفراط في الحداثة وسقوطِ منظومة القيمِ الاجتماعية .ورغم أن صعودَ ترامب إلى السلطة (2017-2021) كان ينظر ُإليه على أنه مرحلةٌ "شاذة" في مسارِ التاريخ السياسي الأمريكي، فإن انتصارَه للمرة ثانية في نوفمبر 2024 ، عزز مواقعُه ضد المؤسسةِ السياسية والنخبةِ الأمريكية التقليدية، مما يمثل تحولًا تاريخيًّا. خاصة عند الناخبين الأمريكيين الذين يشعرون بالتهميش من قبلِ الأحزاب السياسيةِ والنخب الأمريكية، ولا سيما مع خطابه الشعبوي.ومن الاسباب الرئيسية التي أسهمتْ في هذه الموجة الحمراء عدمُ رضا الناس عن السياساتِ الاقتصادية للرئيس جو بايدن ونائبتِه كامالا هاريس سواء الداخلية منها أو الخارجية. وأبرزُها ارتفاعُ الاسعار والتضخم، في موازاة إرسالِ المساعدات بزخم للخارج وخاصة أوكرانيا. ولهذا يعتقد المراقبون ان الناخبين أرادوا القولَ من خلال نتائج التصويت إعادةَ ترامب حتى يتحسنَ الاقتصاد في الداخل وحتى لا يزدادَ انخراطُ البلاد في صراعات خارجية كما يحصلُ في أوكرانيا والشرق الأوسط.
بادرت الحكومات العربية إلى تهنئة دونالد ترامب الذي تربطه علاقات جيدة مع دول الخليج ومصر والمغرب منذ رئاسته الأولى، ولم تخف هذه الدول استياءها من الإدارة الأميركية الحالية، سواء لفشلها في وضع ضوابط للحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، أو لأحجامها عن أي مبادرة لتفعيل إقامة دولة فلسطينية تنفيذا لحل الدولتين. وكان لافتا أن الرئيس الفلسطيني شارك أيضا في تهنئة ترامب، بعدما كان أوقف كل الاتصالات مع إدارته بسبب طرحها ما عرف بصفقة القرن، التي لم تكن منصفة للفلسطينيين، بل أعطت إسرائيل نوعا من الترخيص لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.وكانت المنطقة العربية تعاملت بمشاعر مختلطة مع الحملة الانتخابية الأميركية، التي اقتصرت على خيارين غير واعدين، إلا أن التشاؤم من احتمال استمرار سياسات جو بايدن مع كامالا هاريس، انقلب إلى مشاعر أمله في أن يكون ترامب مختلفا هذه المرة كما يروج له.وأظهر تحليل لنتائج التصويت أن العرب والمسلمين ساهموا في خسارة هاريس، ولاية متشغان التي حسمت الفوز لترامب.وفي استطلاعات سريعة للقراء في الشرق الأوسط، أمكن أمس استنتاج أن المرحلة الانتقالية في الولايات المتحدة تنذر بمخاطر شديدة في المنطقة، لأن إدارة بايدن الحالية لم تعد قادرة على الضغط على إسرائيل وإيران، لوقف الحربين في غزة ولبنان، لكنها تعول فقط على القدرات العسكرية التي راكمتها في المنطقة بهدف معلن هو حماية إسرائيل من أي هجوم إيراني، فيما تقول إيران إنها لا تستبعد هجوما إسرائيليا أميركيا استثنائيا عليها، فضلا عن تحذيرها من استهداف حلفائها في العراق واليمن، في إطار الحملة المستمرة لتقليص نفوذها الإقليمي. ورغم أن ترامب المرشح، كان أبدى قبولا وتفهما لسعي إسرائيل إلى توسيع مساحتها بالاستيطان، وتصميما على مواصلة مسارات التطبيع العربي الإسرائيلي، فإن دول الخليج ومصر قلصت أخيرا الفوارق بين مواقفها، عبر تحالف عربي دولي لدعم تحقيق حل الدولتين، بإقامة دولة فلسطينية، كما دعمت توجها لتعزيز الدولة اللبنانية من خلال تطبيق القرار 1701 في جنوب لبنان، وتستعد أيضا للدعوة إلى إنهاء العقوبات الأميركية على النظام السوري.لكن المسألة الرئيسية التي تغلب المراهنة على ترامب عربيا هي سياسته الحازمة ضد إيران والميليشيات الموالية لها.
ستبقى عبارة دونالد ترامب بعد إعلان فوزه مقياسا لسياساته الخارجية، إذ قال إن الولايات المتحدة لن تشن الحروب بل توقفها، وبالنسبة إلى الداخل الأميركي، قال إن الوقت حان لإنهاء الانقسامات، مشيرا إلى أن الأفارقة واللاتينيين والعرب والمسلمين دعموه، قاطعا بذلك مع خطاب الشحن العنصري. وهذا ما عزز الاعتقاد بأن ترامب سيكون مختلفا في رئاسته الثانية، إذ أنه سيركز في السنوات الأربع المقبلة على إعادة الزخم إلى الحزب الجمهوري، كي يتمكن من إبقاء سيطرته على البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس.ويرى كثيرون أن هذه المهمة لن تكون صعبة بعد الانهيار الذي أصاب الحزب الديمقراطي، جراء هزيمة مرشحته كمال هاريس، وعدم تمكنها من الحفاظ على التقدم الذي حققه الرئيس جو بايدن في الولايات المتأرجحة في انتخابات العام 2020.لكن هل تغير ترامب فعلا في توجهاته الدولية؟هذا ما كان الشغل الشاغل لمختلف العواصم أمس، وفور تأكيد فوز ترامب، ذهبت الأفكار الأولى إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اعتبره المراقبون الرابح الأول من العودة السياسية التاريخية للرئيس الجمهوري، ولا ينافسه في ذلك سوى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي كان أول المهنئين، بل أول سياسي أجنبي يهاتف ترامب ويعلن أنه بحث معه في التهديد الإيراني.أما زعماء أوروبا الذين سبق أن دخلوا في خلافات مع ترامب في رئاسته السابقة، فكانوا على توافق مع بايدن، واستعادوا معه روح التحالف الغربي والأطلسي، خصوصا ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنهم يتشاورون الان محاولين وضع الأسس لمواجهة المفاجئات والصفقات، التي قد يدهمهم بها ترامب في شأن أوكرانيا وسواها، ولا شك أن فوز الرئيس الجمهوري سيشكل دفعا جديدا لليمين المتطرف الأوروبي.وأما التوقعات المتعلقة بالشرق الأوسط، فلن تتبلور عمليا قبل الربع الأول من السنة المقبلة، ما يعني أن الفرصة الممنوحة لنتانياهو ستبقى مفتوحة لتنفيذ أجندته في لبنان وغزة وفي الضفة الغربية أيضا، ولذلك سارع إلى إقالة وزير الدفاع، ليكون صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الشأنين العسكري والسياسي.وفي الوقت نفسه، ضاعفت إيران استعداداتها العسكرية، لكنها تراجعت كما يبدو عن شن هجوم على إسرائيل قبل الانتخابات الأميركية، كما كانت قد توعدت.
في انتظار النتائج للانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت أولى الأرقام تظهر كما هي العادة في الولايات المعروفة تقليديا بأنها حمراء أو جمهورية، أي أنها لمصلحة المرشح دونالد ترامب، وهذا ما دفعه عام 2020، إلى إعلان مبكر عن فوزه وتمسك به حتى الان، رغم أن أرقام الولايات الزرقاء أو الديمقراطية عادة ما تتأخر، وقد أظهرت وقتها فوز جو بايدن. قد يتكرر الأمر في الانتخابات الحالية، أو لا يتكرر، بسبب تقارب التوقعات وتساويها أحيانا، وقد تفوز كامالا هاريس في النتائج النهائية، أو تواجه الإشكال الذي حرم هيلاري كلينتون عام 2016، من الفوز رغم حصولها على تصويت شعبي أعلى من منافسها ترامب أنذاك، الذي فاز بأصوات المجمع الانتخابي.وخلافا للمرة السابقة، يبدو أن ترامب أخذ بنصائح مستشاريه، فأحجم عن إعلان فوزه مبكرا، لكنه ربط اعترافه بالهزيمة، إن حصلت، بأن تكون العملية الانتخابية عادلة.وقد انكبت القنوات والمواقع الأميركية على مناقشة شرط العدالة هذا وما يعنيه، لكن مصادر الجمهوريين أشارت إلى أن ترامب بدا بعد إدلائه بصوته أكثر ثقة بانتصاره، لكنه كمنافسة هاريس حث الناخبين على الذهاب إلى مراكز الاقتراع، لأن التصويت وحده يحسم السباق، خصوصا في الولايات المتأرجحة، ولا سيما بنسلفانيا، التي أجمع المحللون على أنها الولاية التي ستحدد الرئاسة الأميركية هذه المرة، من دون استبعاد مفاجئات من جورجيا أو متشغان.ورغم أن حملة ترامب، وهو شخصيا، أكثرا من الحديث عن التزوير والغش، تحديدا في التصويت المبكر الذي شارك فيه 83 مليون ناخب، إلا أن هذه الاتهامات لم تكن بارزة، ومع ذلك فإن عشرات الولايات فضلت تفعيل الحرس الوطني، وكثفت الإجراءات الأمنية تحسبا لأي طارئ.وعدا المشاكل التقنية في بعض مراكز الاقتراع، سجل إشكال واحد في جورجيا، حيث أشيع أن هناك تهديدات بالقنابل في بعض المراكز، إلا أن الإف بي أي عزا ذلك إلى إنذارات مصدرها روسيا، لكنها كاذبة.يبقى أن ترقب النتائج النهائية سيطول بضع ساعات مقبلة، وقد تكون واضحة وحاسمة، أو يمدد الانتظار لبضعة أيام وفقا للتوقعات التي ترددت أخيرا.
انتخابات الرئاسة الأميركية ليست حدثا داخليا فحسب، إنها أيضا حدث عالمي، وتترقب الدول كافة نتائجه للتعرف إلى انعكاساته المحتملة عليها، سياسيا واقتصاديا وأمنيا.ولعل الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط الأكثر قلقا وترقبا في هذه المرحلة، لأن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، من شأنه أن يعيد النظر في التضامن الغربي مع أوكرانيا، وتمكينها من مواصلة الحرب لاستعادة أراضيها التي احتلتها روسيا. أما إذا فازت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، فمن المتوقع أن تستمر على السياسة التي كانت شريكة في رسمها مع الرئيس جو بايدن، وحشد التحالف الدولي لدعم أوكرانيا، في انتظار أن تتأمن ظروف مناسبة للبحث في اتفاق سلام ينهي الحرب.لذلك كثفت عواصم أوروبية أخيرا تأكيد دعمها الثابت لكييف، خصوصا بعدما لمح مستشارون لترامب إلى أنه قد يقلص المساعدات المالية والعسكرية أو يوقفها، وأنه سيؤيد احتفاظ روسيا بالأراضي التي احتلتها، وسيعارض انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.وبالنسبة إلى الشرق الأوسط، تحديدا فيما يتعلق بحرب إسرائيل على غزة ولبنان، فإن الدول العربية المعنية جربت إدارة ترامب سابقا، كما جربت إدارة بايدن أخيرا، وتوصلت إلى اقتناع بأن الولايات المتحدة ليست في صدد تبني أي مبادرة لإقامة دولة فلسطينية، لكن كل ما تطمح إليه حاليا، هو أن تعمل أي إدارة مقبلة على وقف الحرب في غزة كما في لبنان.وفيما كررت المرشحة هاريس التعهد بإنهاء حرب غزة، إلا أن واشنطن كثفت في الآونة الأخيرة التصريحات المؤيدة لإسرائيل، وسعيها إلى القضاء على حزب الله وقدراته العسكرية في لبنان، كجزء من المواجهة الأكبر مع إيران ونفوذها الإقليمي، ويتوقع لهذه المواجهة أن تزداد خطورة في حال فوز ترامب.لكن هناك صراعات وملفات أخرى مرشحة لأن تشهد تطورات في المرحلة المقبلة، خصوصا إذا جدد ترامب إصراره على إلغاء الاتفاقات المتعلقة بمكافحة تغير المناخ، وكذلك إذا استأنف حرب الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية وكذلك الصينية، من دون نسيان قضية تايوان، التي تتطلع الصين إلى حسمها في غضون السنتين المقبلتين.
انتهت أكثر الحملات الانتخابية صخبا وإثارة في الولايات المتحدة، استعدادا الثلاثاء الكبير غدا، وأظهر اخر استطلاعات الرأي تقاربا في تأييد مرشحة الحزب الديمقراطي كمال هاريس، ومرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، ولا تزال نسبة المترددين عالية في حدود احدى عشرة في المئة.وسجل أهم اللحظات الدراماتيكية في هذه الحملة خلال مناظرة 27 من حزيران يونيو، التي أخفق فيها الرئيس الحالي جو بايدن، وأثار تشكيكا بقدرته على اعادة انتخابه لولاية ثانية، ما اضطره للانسحاب من السباق لمصلحة نائبته هاريس. أما اللحظة الأخرى فهي محاولة اغتيال ترامب على الهواء مباشرة، خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا في 13 من تموز يوليو، وتلتها محاولة أخرى أقل خطورة في فلوريدا.وفيما خاض المرشح الجمهوري حملة طويلة زمنيا استغل فيها محاكمات عدة، تعرض لها في قضايا مختلفة، وانتهت إحداها بإدانته، كان على الحزب الديمقراطي أن يسابق الزمن، منذ منتصف تموز يوليو، كي يتمكن من إعداد حملة هاريس، وصولا الى المناظرة التلفزيونية بينها وبين ترامب، في 10 من أيلول سبتمبر.واتفق المراقبون على أنها تفوقت على منافسها، الذي رفض بعد ذلك مطالب بإجراء مناظرة ثانية، وكما ظهر المرشحان متعارضين تماما في كل القضايا الداخلية، فإنهما عكسا أيضا انقساما عموديا حادا بين الناخبين، سواء كانوا من البيض والسود، أو من النساء والشباب.وفيما استندت هاريس إلى نقاط قوة بينها تحسن الاقتصاد وقضية الإجهاض، بدا أن قضية الهجرة غير الشرعية وانتقاداته لتقصير الإدارة الحالية في مكافحتها، اجتذبت لترامب ناخبي العديد من الولايات.وكما في حملة العام 2020، كذلك هذه السنة، جعل الحزب الديمقراطي من حماية الديمقراطية الأميركية محورا رئيسيا للتحذير من ميول ترامب إلى السلطة المطلقة، مذكرين برفضه الاعتراف بهزيمته في الانتخابات السابقة وبهجوم أنصاره على مبنى الكابيتول، حيث كان الكونغرس مجتمعا بمجلسيه.وطوال الحملة الأخيرة، لم يتعهد ترامب الاعتراف بنتيجة الاقتراع، بل واصل اتهام خصومه بالتزوير والغش، مبديا استعدادا للطعن بالنتيجة إذا لم يفز، وهذا ما أثار مخاوف من أعمال عنف محتملة مع بدء ظهور النتائج الأولية ليل الأربعاء.
ليس من باب المبالغة القول إن أمريكا ستحتبس أنفاسها خلال الأيام المقبلة في انتظار ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء المقبل بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. في مخاطر رئاسة دونالد ترامب. ومن وراء أمريكا، ينتظر العالم بدوره هذه النتائج نظراً للخلاف الجذري على مستوى السياسة الخارجية بين المرشحين، خاصة مع ما يُعرف عن ترامب من توجهات تتعارض حتى مع تقاليد السياسة الخارجية الأمريكية، ومن اعتباطية في التعامل مع ملفات شائكة.انتخابه قد يفتح أمام أمريكا والعالم الأسوأ، خاصة أن جائحة كوفيد-19 طغت على فترة رئاسته الأولى. شبح انتصار ترامب في هذه الانتخابات أصبح حاضراً بقوة خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة أنه الأقرب للفوز في الولايات المفاتيح حسب استطلاعات الرأي، وذلك في ظل تقارب نسبة نوايا التصويت بينه وبين هاريس على الصعيد الوطني. وإذا حصل ذلك، فإن الخطر الأول على الداخل الأمريكي ستمثله زيادة الهوة بين أميركيتين متنافرين. المجتمع الأمريكي مقبل على انقسام حاد قد تغذيه سياسات ترامب في حال كسب الانتخابات. قد تزداد موجات العنصرية تجاه المهاجرين، وقد تتصاعد التوجهات المحافظة التي تهدد حقوق المرأة، مع ما يصاحب كل ذلك من تراجع في الديمقراطية.بموازاة هذه المخاطر الداخلية، يلقي احتمال عهد رئاسي جديد لترامب بظلاله على الصعيد الدولي. ومخاطر هذه العهدة تبدو واضحة على الحالة الفلسطينية، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي راهن على فوز المرشح الجمهوري ولعب على ربح الوقت عبر مراوغة كل المقترحات لإنهاء الحرب على غزة. لذلك، من المتوقع أن يزيد منسوب التوتر في منطقة الشرق الأوسط في حال انتصار ترامب.من جهة أخرى، يُعرف عن ترامب أنه من أنصار الانعزال الأمريكي تحت شعار "أمريكا أولاً"، وإذا تواصل هذا التوجه مع عهدة جديدة محتملة، فسوف يؤدي مباشرة إلى فسح المجال لفلاديمير بوتين لتوسيع دائرة التوتر والحرب في كامل شرق أوروبا. عندها، ستكون أوكرانيا، ومن ورائها أوروبا، هي الخاسر الأكبر في حال تحررت أيدي موسكو. وينطبق ذلك أيضاً على حالة الصين، حيث ليس من المستبعد أن تؤدي انعزالية ترامب إلى زيادة التوتر مع تايوان. إنها إذن مخاطر جدية. ولا نعتقد أن الفاعلين في السياسة الأمريكية وفي الدولة الأمريكية غافلون عنها. فمن المرجح أن يواجه دونالد ترامب معارضة قوية، ليس من الديمقراطيين فحسب، بل خاصة من مؤسسات الدولة الأمريكية مثل الكونغرس، وكذلك جهاز الاستخبارات وحتى من المؤسسة العسكرية.
بعد شهر على إعلان السعودية عن إنشاء تحالف دولي بمبادرة منها لتنفيذ حل الدولتين، عقد في الرياض خلال اليومين الماضيين اجتماع أول لهذا التحالف، واستطاع جمع 90 دولة ومنظمة دولية، وفقا لما أعلنه وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان. ودعت السعودية إلى قمة عربية إسلامية مشتركة، في 11 من تشرين الثاني نوفمبر الحالي، لمتابعة عمل القمة المماثلة، التي عقدت في الموعد نفسه العام الماضي، للبحث في استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وبالإضافة هذه المرة إلى الحرب على لبنان.أما المبادرة إلى إنشاء تحالف حل الدولتين، فتعزى أولا، بحسب مصادر خليجية، إلى الرد على التصريحات الإسرائيلية المستجدة في شأن تطبيع العلاقات رغم استمرار الحرب، وثانيا، إلى أن الرياض تريد استباق أي ضغوط عليها بعد الانتخابات الأميركية، للتخلي عن شروطها لقاء إقامة علاقات مع إسرائيل.وكانت الرياض طالبت بخطوات تجاه الفلسطينيين وحقوقهم، لكن الأميركيين والإسرائيليين لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، وما لبثوا أن ربطوا اتفاقا دفاعيا محتملا بين الولايات المتحدة والسعودية بمسألة التطبيع.كان ذلك قبل اندلاع حرب غزة واستمر خلالها، ورغم أن حل الدولتين عاد إلى الواجهة كخيار دوليا لمعالجة قضية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، إلا أن واشنطن تحدثت عنه لفترة ثم تجاهلته.أما إسرائيل فقد أقرت قانونا يرفض إنشاء دولة فلسطينية، وأرفقته بقوانين وإجراءات أخرى توسع الاستيطان وتكرس حالة الاحتلال، بما في ذلك في قطاع غزة، إلى أن أقرت أخيرا قانون حظر عمل الأونروا، الذي يحرم الفلسطينيين من خدمات أساسية تقدمها هذه الوكالة الأممية.وإذ دعم اجتماع التحالف في الرياض، رفض مجلس الأمن أي محاولات لتفكيك أو تقليص عمليات الأونروا، فإنه كان فرصة للسعودية كي تعيد تأكيد موقفها بأن التطبيع مع إسرائيل غير وارد حتى يكون لدينا حل للدولة الفلسطينية.وجددت الرياض دعوتها لأن يكون التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين، عبر خطوات عملية وجدول زمني محدد لإنهاء الاحتلال، استنادا إلى قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.