Discoverمدونة اليوم
مدونة اليوم
Claim Ownership

مدونة اليوم

Author: مونت كارلو الدولية / MCD

Subscribed: 27Played: 2,447
Share

Description

موضوعات اجتماعية - سياسية يناقشها صحفيون وكتاب ومدونون من وجهة نظر اجتماعية حديثة واضعين تحت منظار النقد الخطابات التقليدية وباحثين خصوصاً عن تفعيل الدور النسوي للمرأة في قضايا مجتمعها.

1385 Episodes
Reverse
في ظني، ليس من الصحي أن تعيش طول عمرك في مجتمع أو في ظروف ما دائما ما تعتبرك الطرف الأقوى، بدون ما تجرب ولو مرة واحدة في حياتك أن تكون أقلية!فكرة أثارتها في خاطري صورة حزينة، لمجموعة من أقباط إحدى قرى الصعيد، يجلسون محشورين في مكان غير مجهز للصلاة، يبدو أنه أعد أو اتجهزعلى عجل وحذر وربما خوف بعد أن عانت نفس تلك القرية من أحداث طائفية في نهاية الشهر الماضي. الصورة يمكن ما تأثرش في ناس كتير، طالما ما مروش في يوم من الأيام بإحساس كونك أقلية، تسعى لأن تحتفظ بكينونتها وانتماءاتها وأفكارها في مجتمع أكبر يسيطر عليه المختلفين عنها.فعندما تكون مثلا ذكر مسلم سني قاهري فاتح البشرة أهلاوي، ما بعدش عن بيت عيلته وحيه اللي اتولد فيها يوم واحد في حياته، صعب انك تفهم يعني إيه تتلفت حواليك عشان بس تمارس ما تحسب أنه حقك في الحياة.مش هتفهم يعني إيه ناس تبص لك على إنك تستحتق التضييق، والتقييد وربما الأذى فقط لأنك بتصلي في مكان مختلف، أو بتتكلم لغة غريبة، أو لون جلدك مختلف ، أو حتى بتلبس ملابس أعضاء مجتمع الأغلبية بيصنفوها على إنها نوع من التصريح بهويتك بيهددهم بشكل مباشر وبالتالي لابد من تحجيمه أو القضاء عليه!مش هتفهم يعني إيه تضطر تخفي هويتك في وقت ما، ويبقى ده شيء طبيعي متعود عليه وجزء من حياتك اليومية. ولا هتفهم إزاي في أوقات كتير لازم تمنتج أفكارك وكلامك بدل ما تتفصل من شغل أو تتقاطع من مجموعة أصدقاء، أو يتم رفض انتماءك حتى لاتحاد ملاك في عمارة. لازم تمشي بسرعة من أماكن معينة أو تمد خطواتك في شارع ما عشان ما ارتحتش لنظرات اللي حواليك وتجاربك السابقة بتقول إن النظرات دي بتكون مقدمة لمواقف محرجة وسخيفة وأحيانا عنيفة!كوني امرأة من الأقاليم، انتقلت من مدينتها الصغيرة لمجتمع القاهرة الأكبر والأكثر انفتاحا، وجت لها الفرصة للسفر لعدة دول حول العالم، فالبطبع أنا في مواقف كتير اتعرضت لكوني أقلية. في أماكن أنا أقلية لأني امرأة، وفي أماكن تانية لأني مسلمة، وفي أماكن لأن ملامحي شرق أوسطية وأحيانا لأني عربية، وأحيانا لأني من الأقاليم وأحيانا لأني محافظة أكتر من اللازم وأحيانا أخرى لأني ليبرالية أكتر من المطلوب. وفي رأيي وعلى الرغم من إن كونك أقلية بتقابل مواقف عنصرية في مجتمع مختلف دي تجربة مؤلمة، لكني في أحيان كتيرة باتمنى إن الكل يمر بالتجربة دي عشان يكون أكثر تفهما وأكثر رحمة بالآخرين. لازم تجرب الشعور ده، عشان تفهم لما بتمارسه تجاه شخص آخر، أو حتى لما بتصمت وانت بتشوفه بيتعرض ليه، إنت بتؤلمه أد إيه؟في النهاية مش عارفة إذا كان لازم أفكرك بحاجة بديهية، وهي إن ربنا خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف. مش عشان نتعنصر على بعض ونعزل بعض ونؤذي ونؤلم بعض.لكننا نعيش في زمن يحتاج للتذكير بالبديهيات، لذا وجب التنويه!
في إحدى مناطق الأطلس، حاصر السكان سيدة كانت تستقبل حبيبها في البيت، واتصلوا بعناصر الشرطة التي اعتقلت الشخصين، وسيتم تقديمهما للمحاكمة.لكن، هناك، في نفس المنطقة، سيدة يعتدي عليها زوجها بشكل شبه يومي، بالضرب والشتيمة والإهانة، ولا أحد من الجيران يتدخل. وحين تسألهم، يقولون إن الأمر داخلي وعائلي بين رجل وزوجته، وأن لا حق لهم في التدخل.  من الواضح أن سلم القيم عندنا منقلب رأسا على عقب. إذ في الحقيقة، فيمَ يؤذينا ويؤذي الساكنة أن تكون لهذه السيدة علاقة عاطفية بهذا الشخص وأن يمارسا الجنس خارج الزواج؟ إذا فتحت بيتها محلا لامتهان الجنس، فهذا ربما يسبب إزعاجا للسكان بسبب كثرة تردد الزبائن. لكن شخصا يقيم في حي ما، وتربطه بشخص آخر علاقة عاطفية، ما دخل الساكنة إن كان بينهما عقد زواج أم لا؟ هناك شهادات لشباب وشابات يقيمون بمفردهم، يتعامل معهم الجيران على أنهم مشبوهون، لمجرد كونهم غير متزوجين ولكونهم يقيمون بمفردهم. استقبالهم لصديق أو صديقة، استماعهم للموسيقى، تنظيمهم لوجبة عشاء أو غذاء مع الأصدقاء حتى لو كانت لا تشكل أي إزعاج أو فوضى...علما أن الجيران قد يسكن معهم أشخاص متزوجون غير محترمين، يستمعون للموسيقى بصوت مرتفع، يتشاجرون بصوت مرتفع أو بكلمات غير محترمة، ينظمون حفلات صاخبة أو حتى يستمعون للقرآن بصوت مرتفع في وقت الفجر، لأن هذا إن حدث، فهو اختيارهم ولا يفترض أن يفرضوه على الجيران. هؤلاء يدخلون في عداد الجيران الذين ننتقدهم بصمت وتبرم، لكننا نقبلهم.بالمقابل، فالجار الأعزب والجارة غير المتزوجة، مهما كانوا متخلقين ومحترمين، يظلون تحت المجهر دائما... متهمين إلى أن تثبت براءتهم!من هذا المنطلق، كان حصار الجيران لجارتهم واتصالهم بالشرطة. هم لا تحركهم الأخلاق، لأن الأخلاق التي تهمنا فعلا، يفترض أن تكون أخلاقنا نحن وأخلاق المقربين منا. كما أنهم لن يتحركوا لحكاية الزوجة المعنَّفة لأنهم ضمنيا لا ينزعجون من ضرب النساء؛ ولن يتحركوا للتبليغ عن اللص الذي يقيم في الحي ويعرفه الجميع ولا عن الجار المرتشي....هم كالكثيرين غيرهم، مهووسون بالجنس وبمراقبة حياة الغير... وخصوصا النساء!
دائمًا ما يحكي كيف أن هذا العالم تحول لمكان بائس، ثم يرفق ذلك بمقولات كئيبة لنيتشه، ويأخذ السيجارة بطريقة تراجيدية، وينفخ الدخان، ويقول: "هذا العالم لم يعد صالحًا لأمثالي". ينام معظم يومه، ثم يصحو ليشرب القهوة، ويفتح تلفونه ليكتب كلمات منمقة عن قهوته، وصعوبة الحياة، يصوّر أيضًا أحد كتبه، ويختار الكتاب الذي يحمل عنوانًا معقدًا لكي يبدي لمتابعيه بأنه مثقف عميق، ولكي يتأكدوا من ذلك عليه أن يختار أكثر جملة معقدة في الكتاب، ويكتبها على صفحته في الفيسبوك لعل هذه الجملة تجعلهم يعرفون مدى عبقريته. يرى الفقر شيئًا جميلًا، ودليلًا على أنه إنسان جيد، وليس سيئًا مثل هؤلاء الذين لوثوا أيديهم بالأموال. يتذكر بأن عليه أن ينظف غرفته التي لم ينظفها منذ شهر، ثم يتذكر أنه لم يستحم أيضًا منذ أيام، ثم يتذكر بأن ليس لديه إيجار الغرفة لهذا الشهر، ثم يقول لنفسه: "أمثالي لا يتم تقديرهم في هذا العالم البائس". يأخذ سيجارة أخرى، ويتذكر أن عليه أن يشتري علبة جديدة، فلم تتبق له الا سيجارتان. يفتح التويتر x، ويبحث عن "مساحة" ليتحدث فيها لعل وعسى أن يجد من سيفهم ماذا يقول، فجميعهم أغبياء في نظره، وهو فقط من يحمل كل الحقيقة. يفتح اليوتيوب، ويجد شبابًا مختلفين عنه، فيقول لنفسه: "ما هذا الذي يقولونه؟! إنهم يتحدثون عن الأكل الصحي والإيجابية يا لهذا الهراء، هؤلاء السذج الذين لا يفقهون شيئا في الحياة، النصّابون"، ثم يلمح بينهم شخصًا كان زميله في الجامعة، يتذكر مرة ثانية أن موعد الإيجار اقترب، يفكر قليلاً ربما عليه أن يتواصل معه، فكل من يعرفهم يرفضون إقراضه المال بسبب عجزه عن رده، يتحدث بصوت منخفض، وكأن هناك من يسمعه: "لنرى هل هذا الوغد الذي يكذب على الناس بكلماته الإيجابية سيثبت إيجابيته، ويساعد صديقه القديم". يبحث عن اسم صديقه في الفيسبوك ويرسل له رسالة يقول فيها: "هل تتذكرني؟ أنا صديقك الذي كان الجميع يغار مني بسبب تفكيري المتقدم عن تفكيرهم، ولكنني أتذكر أنك كنت طالبًا مجتهدًا، ومختلفًا عنهم، علينا أن نلتقي قريبًا، فصديقك القديم يحتاجك في خدمة". يرسل الرسالة، ثم يعود لليوتيوب ليشاهد المزيد عن زميل المدرسة الذي تبدو عليه الصحة، والرخاء، ويعيش في بيت جميل، يلتفت حوله ليرى بيته المكدس بالأوساخ ثم يقول مشمئزًّا: " هذه الحياة ليست عادلة"
ماذا يقول فعلياً طلاب جامعة كولومبيا وسواها من الجامعات الأميركية الأخرى التي تشهد اعتصامات واحتجاجات متواصلة واسعة النطاق على ما يجري في فلسطين؟ثم ماذا يقولون حيال حملات القمع والاعتقالات والعنف والملاحقة ومحاولات الترهيب والإسكات، إن من جانب الإدارات أو من الشرطة؟ هم يقولون، بكل بساطة، ما يجب أن يقوله العالم أجمع اليوم وبصوت واحد: لقد طفح الكيل. كيل الظلم، كيل الترهيب، كيل الجور، كيل الطغيان، كيل المجازر الجماعية، كيل قتل الأطفال والأبرياء، كيل الحرمان، كيل التشريد، كيل سرقة الأرزاق والأراضي والبيوت والأحلام، كيل المحاصرة، كيل التجويع...هؤلاء الطلاب، وبعض أساتذتهم أيضاً، يعلموننا درساً كبيراً في الشجاعة، في الثبات، في الكرامة، في الوقوف الى جانب الحق والعدالة والإنسانية في وجه البطش والتخويف وكمّ الأفواه. يعلموننا أن القدر يصنعه البشر. شرف البشر. حفيظة البشر. قرف البشر. إرادة البشر. لقد تفجر نبع الغضب على الاستبداد والتحيّز، وما عاد يحتمل الضغط على فمه.هذا الذي يحصل هناك، يُشعرني بأن كراماتنا البشرية، كأفراد وشعوب عربية، تمسح بعضاً من عارها الكبير، هذا العار الذي يكتفي غالباً بالاستنكار والبيانات والكلمات التي لا تقدم ولا تؤخر. علما أن الصمت المهين هو تقريبا اللغة الوحيدة التي يعتصم بها العالم العربي، حيال ما يجري في فلسطين. يا أيها الطلاب الشجعان، سلامي اليكم، سلامي الى غضبكم، سلامي الى الأمل الذي تعيدونه إلينا بأن ثمة ما لا يزال يستحق الحياة على هذا الكوكب، رغم كل التوحّش والبربرية والعنصرية والكراهية، رغم سيادة المال والمصالح، رغم هذه الجهنّم التي نعيشها منذ عقود.استمروا، استمروا، لعل عدواكم تصيب العميان والمتعامين، المخدرين والمتواطئين، الى أن يأتي يومٌ ننعم فيه جميعاً بالسلام والكرامة والحرية، في فلسطين، وفي لبنان، وفي كل أرضٍ يستولي عليها الظلم ويمارس أبشع أنواع العبوديات.
هل يرتكب الناس فعل الحلم؟ أم أنه فعل لا إرادي؟ لماذا تسألين؟ لم تأبه للسؤال وأكملت نهارات كثيرة وليلة طويلة.. تبدو ليلة مع أنها أيام وشهور وسنين..امتد فعل الحلم ولم يكن هناك أي موسيقى تصويرية سوى قرع طبول كطبول الحرب تعلو كلما اقترب خياله من نافذتها في ذلك الحلم الطويل الطويل..تتحرك الستارة..وإذا بها نسمة صيف ضلت طريقها فتعود للحلم تمنته عاصفة هوجاء (منعشة) تحمل قلبها نحو قمر مل من فعل انتظارها : أرأيت؟ ها هو قد عاد.. تغمز القمر بلؤم الدلال ثم تترك نفسها لعاصفة حبه المجنونة تحملها في كل مكان كانت تود لو مشت معه على أطراف طريقه.. الى كل زمان مضى ولم تكن عيناه نور أيامها..تطير مع ريح عاتية تحمل عطره الى كل رصيف جلست ولم تجلس معه عليه في روما وكل مقعد خشبي تمنت لو أنهما جلسا عليه في فيلا بورجيزيالى مشاوير على حافة المحيط في آخر الدنيا وخفقات خوف عند اقلاع الطائرة لا تهدئها سوى يده تمسك يدها : لا لا أشعر بالجوع: بل أشعر بتخمة عجيبة تشرب قهوة يحبها وتحبها لأجله على شرفة تطل على البوسفور..تستمع له يغني قصائد كتبها لها وضيعها آخر ساع بريد سلم حقيبته الجلدية مع ما تبقى فيها من رسائل.ويطير حمام الفجر فوق الفلوكة الصغيرة التي تتمرجح بهما على نهر النيل بينما محمد قنديل يغني من مذياع قديم.. يا حلو صبح يا حلو طل يا حلو صبح نهارنا فل..: أين أنت؟: بقلبك: وانت؟أنظر حولك ماذا ترى؟: نسمة هواء رطبة ثقيلة.. بخار يتكاثف على العدسة، تصبح الرؤية صعبة: ما بال رياحك ساكنة لا ترد؟: مشغول؟ثقيل هو الوقت الذي يمضي دون أن تفهم لماذا لا يتحرك الهواء؟ يصبح التنفس صعباً : معقول؟تكتب في دفترها في المشاعر نحو من تحب عندما تجتاحك الأعاصير تبدو النسمة الرقيقة أمراً مؤذياً.كثيرا ما يكون فعل الحلم فعل تمني يجري بما لا تشتهي سفن الحقيقة .
مع كل حادثة طائفية، أو حدث يظهر فيه تعصب فئة لنفسها وتعديها على فئة أخرى فقط لأنها تختلف عنها في توجه ما، بيحيرني الأمر جدا، يمكن عشان أنا مش عايشة في الفقاعة اللي البعض بيخلقها حوالين نفسه ويقعد جواها يردد بتكرار هستيري: "أنا أفضل من الآخرين، أنا أفضل من الآخرين". فأنا أظن ان طول عمري كان عندي اقتناع مش عارفة اعتنقته إمتى: إن كلنا بنحاول بس مافيش حد عنده الحقيقة المطلقة. ماحدش يملك اليقين ولا عنده الأدوات عشان يحكم: مين أحسن دولة في العالم، مين أحسن حزب في الدولة، مين أصح مذهب ديني، ولا حتى مين أحسن فريق كرة قدم. وكان دايما بيبدوا لي التحزب حوالين فكرة ما أو التعصب حواليها، إلى الدرجة اللي بتخلي الشخص ينفر من المختلف معاه، ناهيك عن إنه يؤذيه أو يلحق بيه أو بممتلكاته الضرر، هي مش أكتر من كونها نوع من الحماقة..لكن للأسف الحمقى بيحيطون بينا في كل مكان، وكلنا مضطرين نعيش ونتعامل معاهم في المجتمعات المختلفة، يعني آه فعلا خناقة بناء الكنائس في مصر اللي بتتكرر كل كام سنة دي بتدور معظم الوقت في قرى الصعيد، لكن التعصب مش محدود بتوجه ولا مكان. يعني هتلاقي على الفيسبوك الشخص اللي بيقاطع شخص تاني عشان زملكاوي، في عمارتك هتلاقي طنط اللي بتمنع ولادها يلعبوا مع الولاد اللي في الدور الأول عشان مسيحيين، الموظف اللي بيرخم على واحدة بتخلص ورقها من عنده عشان مش محجبة، القومجي اللي بيبعت رسايل على جروب العيلة بتحذر من توظيف اللاجئين وبيدعوا لضرورة طردهم، والمثقف اللي بيرفض يقعد مع مثقفين تانيين جايين بتعبيره (من الفلاحين).ده غير الأحزاب الصغيرة اللي بتتكون جوه الأحزاب الكبيرة، زي إن معتنقي ديانة ما ما يكتفوش بالتعالي أو التضييق على أتباع ديانة تانية، بل إن الديانة نفسها مثلا أو القومية أو البلد بتتقسم لمذاهب وطرق وأشياع بيتعالوا ويتنافروا وأحيانا بيؤذوا بعضهم. خناقات السنة والشيعة، والكاثوليك والبروتوستنات، وخناقات سكان مدينة الرحاب ومدينتي مع بقية سكان القاهرة مثالا. أعود بالذاكرة للخلف كده وأحاول أوصل لأول ذكرى في حياتي أو أول مرة أتفاعل فيها بشكل مبدأي مع فكرة التعصب، يمكن كانت خناقة الأزرق للولاد والبينك للبنات اللي كنا بنتخانقها مع زمايلنا في حضانة لما حد فيهم يتجرأ ويمسك شنطة أو زمزمية فيها أي لون بينك ونعمل حزب ونكرهه فيها لحد ما يروح يعيط لأهله فيغيروها! أو يمكن خناقة الكشافة والزهرات، ومين فيهم أشطر وحافظ أغاني أكتر وبيعرف يعمل عقد مختقلة بالحبال.  وطبعا لم يسلم الأمر من خناقة المسلمين والمسيحيين على إيد مدرسة الدين في أولى ابتدائي، اللي وهي بتشرحلنا تفسير الفاتحة، اللي هي بوابة الدين بالنسبة لنا، بتأكد بالمرة على إن (الضالين) دول هم أهالي زمايلنا اللي راحوا الفصل التاني مع مدرسة الدين التاني واللي هنرجع نلعب معاهم بعد شوية في الفسحة لكن وقتها لازم نفتكر كويس اننا ما نحكيلهومش اللي المدرسة قالته عنهم، ولا تأكيدها علينا إننا لازم ما نبدلش معاهم الساندوتشات، اللي هو بيكون أول درس في الطائفية 101 واللي بيذرع أول بذرة بتفضل تتسقي على مر السنين، بالتعصب اللي بيترعرع حوالينا في كل مكان! !
كثيرا ما نسمع الناس حولنا يتحدثون عن التعايش في ديننا، وعن احترام معتقدات الآخرين وعن ثقافتنا المتسامحة...لكن، ماذا عن الحقيقة؟ في قرية الفواخر في مصر، انتشار شائعة بناء كنيسة جديدة جعل المدينة تتحول لساحة حرب تحرق فيها بيوت المصريين الأقباط وتهدد سلامتهم وحياتهم من مصريين مثلهم؛ لكن هؤلاء المجرمين اعتبروا احتمال بناء كنيسة جديدة خطرا يهدد أمن البلاد والعباد. لنتساءل: ماذا لو حدث العكس، في مصر أو في أي بلد في العالم؟ ألا يبنى كل يوم مسجد جديد في معظم مدن منطقتنا؟ وألا تبنى الكثير منها في بلدان غير ذات أغلبية مسلمة؟ ألا يتم التبرع لبناء المساجد بأريحية؟ بل أكثر من ذلك، ألا يتم استعمال مكبرات الصوت للآذان، بينما يعيش بيننا من هم غير مسلمين؟ هل يمكننا تصور استعمال مكبرات الصوت في الكنائس؟ ألا يتم التساهل، مجتمعيا، مع المصلين في صلاة الجمعة أو صلاة التراويح، حتى حين تقطع جموع المصلين الطريق؟ألا تعتبر الأعياد الدينية الإسلامية أيام عطلة رسمية في معظم البلدان ويتم التساهل المجتمعي مع السلوكيات الخاصة ليوم الجمعة باعتباره يوما خاصا في الثقافة الإسلامية؟ فهل يتم التعامل بنفس الشكل مع أعياد المسيحيين واليهود، ليس فقط في مصر بل أيضا في الأردن والمغرب وغيرها؟ حين نطالب بأن تصبح أعيادنا الدينية عطلا رسمية في أوروبا مثلا، لأن أعداد المسلمين هناك في تزايد، هل نفكر في أعياد المسيحيين في بلداننا؟ حين نطالب ببناء مساجد هناك، وهذا ما يحدث فعلا لأن للمسلمين مساجدهم في معظم المدن الأوروبية، هل نتعامل بالمثل؟أليس من حق أقباط مصر أن يمارسوا تدينهم بكل فرح وأن تكون أعيادهم رسمية وألا يجبر أبناؤهم على تعلم تعاليم الإسلام في المدارس العمومية وأن يبنوا كنائس جديدة إن لم تعد القديمة كافية لأعدادهم؟في المغرب أيضا، هناك عشرات الآلاف ممن اختاروا المسيحية كدين في السنوات الأخيرة، إضافة إلى عشرات الآلاف من المهاجرين من دول أخرى من قارتنا الإفريقية، ممن يدينون بالمسيحية.. هل يجرأ أحد على الحديث عن بناء كنائس جديدة؟ ومع ذلك، فلا أحد منا يخجل ونحن نتحدث عن ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخرين...
هل الكلمات تستطيع تغييرنا؟ كصحفية تحب الكتابة، وتأثرت كثيرًا بالكتّاب الذين قرأت لهم، الاجابة هي نعم، الكلمات تغير الكثير خاصة لو كانت هذه الكلمات مرتبطة بلحن جميل. كان هذا هو الموضوع الذي اخترت أن أتحدث عنه في آخر امتحان لي باللغة السويدية.  وأخيرًا وصلت لمرحلة الثانوية في تعلم اللغة السويدية، ولكن هذا لا يعني أنني أصبحت أتحدث بطلاقة مثل السويديين، ما زال الموضوع يحتاج للكثير من القراءة، وتكثيف الحديث بالسويدية. في آخر امتحان للغة، والذي كان عن تأثير الكلمات سواء الشعر، أو كلمات الأغاني، أو غيرها، اخترت أنا أن أتحدث عن الكلمات المغناة، وتأثيرها على السياسة والمجتمع. قرأت مقالًا علميًّا يقول أن الموسيقى وحدها نعم تؤثر على المشاعر، وكيمياء المخ، ولكن عندما يتم إرفاق كلمات بهذه الموسيقى تبين أن هناك أجزاء في المخ كانت خاملة تتفاعل بعد إضافة الكلمات لهذه الموسيقى. لذلك يصبح النشيد الوطني مهمًّا لتحفيز الناس للدفاع عن وطنهم، وتستخدم الأناشيد الدينية التي تستخدمها الجماعات لتحفيز الناس على الجهاد، أو (الزوامل) كما تسمى في اليمن لتحفيز المقاتلين، فليس هناك أقوى من الكلمات المغناة. لكن هناك أيضا من استخدم الكلمات ليحرك الناس في الشارع للتظاهر ضد الحرب، ومع السلام، كما حدث في أمريكا أثناء حرب فيتنام وكان لأغنية war تأثير كبير في تلك المظاهرات. في اليمن هناك أغنية شهيرة اسمها "خطر غصن القنا"، ولمن لا يعرف أن هذا اللحن كان سابقا يستخدم مع كلمات مسيئة عن امرأة مارست الجنس خارج الزواج، ولكن الشاعر مطهر الإرياني استخدم كلمات جديدة لكي ينسى الناس هذه الحادثة، وأصبحت الأغنية تتحدث عن الحب، وجمال وادي بنا، أي أنه استخدم الكلمات لتغيير فكر مجتمع بأكمله، أليس ذلك جميلا؟ كلماتنا تغير الكثير ومع وجود التكنولوجيا التي جعلت كلماتنا تصل لعدد كبير من الناس، فعلينا أن نتذكر هذه المسؤولية، وقبل أن نكتب أن نسأل أنفسنا: هل كلماتنا هذه تتسبب في إصلاح أو تخريب هذا العالم.
أمشي على الطريق. أرى وجوه الناس متجهّمة، لا قدرة للرجل أو للمرأة منهم على الابتسام. لا ألوم أحداً. أنا، أيضاً، غالباً، لا حَيْل لي على الابتسام. أحاول قدر الإمكان تفادي التفكير، كي لا أفقد عقلي تماماً. أشرب القهوة في أحد المقاهي. تبادرني سيدة عجوز فتسألني بخفر وحرج إذا كنت أستطيع أن أضيّفها "سندويشاً" لأنها جائعة، ولا تملك المال لتأكل. استحي. أعطيها المبلغ. لا أستطيع النظر في عينيها. أشعر أنّي شريكة في الذنب. أجلس مع إحدى صديقاتي. تكرّ دموعها لأن ابنها الوحيد عاطلٌ من العمل منذ أكثر من سنتين. "بتعرفي حدا بيقدر يظبّطو بشي شغلة؟"، تسألني بحسرة. لا. لا أعرف أحداً يا صديقتي. كلّ مَنْ أعرف، إما موظّف خائف على وظيفته، وإما ربّ عمل لا يعرف كيف يدفع رواتب عمّاله آخر الشهر.أستقلّ التاكسي. يخبرني السائق أنه أطعم أولاده، أمس، أرغفة من الخبز "الحاف". "أكتبي عنّي وعنهم"، يقول متوسلاً، عندما يعرف أني كاتبة. ها أنذا أكتب عنك وعن أولادك، يا محمد، فهل يسدّ هذا الكلام جوعهم؟ لا تُجِب، أرجوك. دعني أتوهّم أني استطعتُ شيئاً.أفتح مواقع التواصل الاجتماعي: حروب، اعتداءات، رعب، مجاعات، إبادات جماعية، صورٌ وكلمات تقطّع القلب. وعلى المقلب الآخر: اتهامات متبادلة، تخوين، استخفاف بأرواح الناس وعقولهم، جملٌ وتعابير تثير الغثيان. مختصر مفيد: لا ملاذ. لا منفذ. لا مخرج للطوارئ. نحن محاصَرون تماماً، كفئران في مختبر. وأنى ذهبنا، يأس وخيبة وغضب وإحباط. أفكّر: "كيف نستطيع مواصلة العيش على هذا النحو؟". ثم أتدارك: "هذا ليس عيشاً. إنه زعبرة على الموت".
تلخيص المشهد بدأت الحكاية بقيام مجموعة منظمات طلابية في جامعة كولومبيا بعمل خيمة اعتصام من اجل وقف الحرب على غزة وسحب الجامعة استثماراتها من إسرائيل والشركات المرتبطة بها والتبادل الأكاديمي معها. كان هذا يُمكن أن يكون نشاطاً طلابياً عادياً لولا استدعاء رئيسة الجامعة نعمات شفيق  (المسلمة من أصول عربية مصرية) للشرطة لفض خيمة الاعتصام مما أدى الى اعتقالات وإجراءات تأديبية!وهكذا استيقظ اكثر من 100 طالب من الجامعة وكلية بارنارد -شقيقة جامعة كولومبيا-، على وقع الاعتقال و الإيقاف من إكمال دراستهم ومطالبتهم بإخلاء سكنهم الجامعي !خلال تحميلهم في الحافلات وأيديهم مقيدة، غنى الطلاب طوال الطريق إلى مقر الشرطة أغان ثورية، فأشتعلت الاجواء في الجامعة بشكل لم تشهده منذ الاحتجاجات الطلابية إبان حرب فيتنام، اذ هاجم الطلاب في صُحفهم الجامعية رئيسة الجامعة و قرارتها وتبعيتها لليمين الصهيونى بشكل يهدد القيم الأمريكية ومستقبل زملائهم.صدفة بحتة...القرار التاريخي لنعمات شفيق باستدعاء الشرطة لفض الاعتصام بالقوة كان زعماً بوجود عنف ومعاداة للسامية وأتى بعد يوم واحد من  شهادة رئيسة الجامعة أمام الكونجرس حول معاداة السامية!فاستنكر البيت الأبيض (العنف الوهمي ومعاداة السامية)تداعياتقرر مجموعة من استاذة الحقوق في جامعة كولومبيا إرسال رسالة إلى قيادة الجامعة يدينون فيها تعليق دراسة الطلاب المتظاهرين ومداهمة الشرطة للحرم الجامعي موضحين أن عدم وجود شفافية في كيفية التصرف وإقحام شرطة نيويورك بهذا الامر يهدد مصداقية الجامعة كلها! بعدها قرر الكثير من أعضاء هيئة التدريس والطلاب الخروج من الفصول الدراسية دعماً للطلاب وحرية التعبير ورفضا لتدخل الشرطة في الحرم الجامعي! محاضرين من الخارج انضموا للاحتجاج وقرروا مقاطعة كولومبيا!خبرعاجل " الهيئة الطلابية لجامعة كولومبيا تقرر بأغلبية ساحقة تمرير استفتاء يطلب من الجامعة سحب الاستثمارات من إسرائيل، وإلغاء افتتاح مركز تل أبيب العالمي، وإنهاء برنامج درجة جامعة تل أبيب المزدوجة".كرة الثلج الطلابيةبدأت جامعات أمريكا المشهورة بالتصعيد والانضمام الى الاعتصامات الطلابية من أجل فلسطين حرة ووقف الابادة. (جامعة بيركلي في ولاية كاليفورنيا، جامعة إن واي يو في نيويورك، وجامعة هارفارد)التاريخ يذكر دور الحركة الطلابية (ثورة كولومبيا 1968) في وقف الحرب الاميريكية على فيتنام. التغيير قادم.
بلغنا أنه في دولة كوريا الجنوبية الشقيقة، اللي هي بقت تريند والعيال ماشيين لابسين تشيرتات عليها صور نجومها دي، أيوة اللي بقينا بنتفرج على مسلسلاتها بدل المسلسلات التركي دي، هذه الدولة اللي بقت حلم شباب وشابات الوطن العربي، فيها ما يشبه ثورة اجتماعية على الضيق حبتين. يقال والعهدة على الراوي، إن كوريا الجنوبية، على ما يشاع عنها من تقدم وتحضر وثقافة وفن، تعاني من مشكلة تفشي الذكورية وسيطرة البطريركية في المجتمع الكوري، وهو الشيء المستمر منذ عقود، ولم يفلح التطور التكنولوجي والاقتصادي في التخلص منه وما زالت الأجيال الجديدة تعاني منه في مختلف الطبقات. وهو ما استدعى موجة مضادة من الفيمينيزم ودعوات المطالبات بحقوق النساء في أن تقوم النساء بالدفاع عن حقوقهن وعن وضعهن الملتبس في المجتمع عن طريق حركة تسمى ال (فور بي) ، وكلمة "بي" في اللغة الكورية تعني "لا"، بما يعني أن إسم الحركة يمكن ترجمته لحركة "اللاءات الأربعة". واللاءات الأربعة المقصودة من المشاركات في الحركة دي هي :لا للزواج، لا لإنجاب الأطفال، لا للمواعدة، ولا للعلاقات العاطفية. بالمختصر يعني، الفصل التام بين الجنسين، إلى أن يتغير الحال.أما إذا تتبعنا أسباب الحركة دي ومظاهر تردي مكانة المرأة الكورية في المجتمع  هنلاقيها بسم الله ما شاء الله يعني بتفكرنا بحاجة كده!على سبيل المثال، فالعائلات الكورية تفضل خلفة الذكور على خلفة الإناث، وفي بعض الطبقات ما زالت تحمل البنات مسئولية الحفاظ على شرف العائلة، الأب في المجتمع الكوري مسئولياته محدودة بينما تتحمل الأم مسئولية البيت والأولاد كاملة، ومن حق الأب إنه يخرج يسهر مع صحابه، وطبيعي إنه ما يعرفش حاجة عن مسار الحياة اليومية لأولاده بينما الستات بتشيل الشيلة كاملة وطبعا لا خروج ولا صحوبيات. الشابات الكوريات كمان بيشتكوا من الذكورية في مكان العمل، من سهولة ارتقاء الرجال للمناصب العليا ، فيندر مثلا وجود رئيسات مجلس إدارة شركات من النساء، ده غير عدم الالتفات إلى التحرش في مكان العمل، والميل الدائم لتصديق الرجال عن النساء. أمممم، إحم إحم، فيه شوية حاجات كده حاسة اني سمعت عنهم قبل كده، أو شفتهم قبل كده، أو مريت بيهم قبل كده، بس مش متأكدة فين!المهم إن حركة "اللاءات الأربعة" دي كان الرد عليها من الرجال الكوريين بإنهم قالوا: يا سسسلام، بركة يا جامع، مع السلامة والقلب داعيلكم، وانتم مين اللي قالكم إن احنا هنموت ونتجوزكم والا نخلف منكم يعني؟ بلا وجع دماغ، احنا عادي نقدر بفلوسنا نأجر حد يعمل كل اللي انتم بتعملوه!اللي واقفين بيشدوا شعرهم بسبب حالة القمص الشعبية دي بأه هم مسئولي النظام، اللي أصلا بلدهم فيها مشكلة قلة عدد مواليد، ولم تفلح كل التشجيعات إنها تصلح المشكلة دي، وبقى فيه فجوة حقيقية متوقعة بين خطط التنمية وعدد السكان، مما يبشر بكارثة مستقبلية حقيقية للمجتمع الكوري.طبعا ده هو الفارق الوحيد بينهم وبيننا، وهي دي النقطة الوحيدة اللي هتلفت نظر أي رجل عربي سمع المقال ده أو قراه، وهتلاقيه حالا بيقول في نفسه: قلة عدد مواليد؟، طب دي مصلحة! ، قولتولي بأه كوريا دي بيهاجرولها ازاي؟! 
 والدتي مثقفة، ووعيها عالٍ رغم أنها لم تذهب إلى المدرسة، وإنما تعلمت على يد "سِنّة"، وهو لقب كان يطلق على من يعلم القرآن في ذاك الوقت. سألت والدتي بعد أن انتهينا من نقاش طويل انبهرت فيه كالمعتاد بمدى وعيها، واستغربت كيف أصبحت بهذا الوعي، فقالت لي ربما لأنني عندما كنت أتعلم مع "سِنّة" كنا عندما ننتهي من قراءة القرآن نقرأ الكثير من الكتب، مثل كتب لجورج زيدان، وكليلة ودمنة، وكتب تاريخية، وكنا نتناقش كثيرًا بالساعات بعد الدرس.  قررت أن اسأل والدتي أكثر عن هذه المرأة "سِنّة" التي لا نعرف ما اسمها الحقيقي، وهي من نساء مدينة جبلة. قالت والدتي أن "سِنّة" كانت محبوبة من الجميع، ربما لأنها علمت القراءة للكثير من النساء في ذاك الزمن. "سِنّة" كانت قوية، فعندما لم تستطع أن تستمر مع زوجها طلبت الطلاق، ثم تزوجت للمرة الثانية، ولكن هذا لم يكن مستغربًا في جبلة المدينة التي كانت منفتحة، وكان الزواج من مطلقة أمرًا عاديًّا، فتتزوج المرأة عدة مرات، ولا عيب في ذلك. ربما لذلك اختارت الملكة (أروى الصليحية) أن تكون جبلة مقر حكمها لأنها مدينة مختلفة عن بقية مدن شمال اليمن. "سِنّة" تعلمت القرآن من زوجها، والذي كان فقيهًا، وأيضًا أخوتها كانوا فقهاء، ولكنها كانت تمشي، ووجهها مكشوف، فكانت الناس تستغرب من ذلك. كانت "سِنَّة" لا تهتم لما يقوله الناس، وفرضت احترامها، وكانت عزيزة النفس، وتهتم بنفسها، ولم تتردد في أن تعرض على أمي أن تدرسها قراءة القرآن عندما رأت أمي تبكي لأنها تريد أن تذهب إلى المدرسة بعد أن رفض جدي -والد أمي- أن يرسلها لمدينة تعز لتدرس في المدرسة الوحيدة التي كانت تعلم الفتيات في ذلك الوقت. هناك الكثير من القصص عن "سِنّة" لا يمكنني حصرها في هذه المدونة القصيرة، ولكنني أتمنى أن أكتب قصتها في يوم ما، فهي قصة ملهمة مثل قصة أمي التي استطاعت رغم كل الظروف أن تكون بهذا الوعي.
ننتظر ماذا، هنا في لبنان والجوار؟ هل ننتظر الفرج، السلام، البحبوحة، أم ننتظر الموت الذي يُريح المرء من كل عناء؟!هنا، حيث الناس العاديون، الرازحون تحت الوطأة الدسمة، نعدّ الوقت البطيء بالثواني الثقيلُ عبورُها والفادحُ عطبها. يقول المرء في ذات نفسه: ماذا بعد؟ ماذا بعد. إذا كان لا بدّ من نهاية، فلتكن الآن، أو بعد قليل. كلّ إرجاء، كلّ إبطاء، هو إهانة للحياة، للنفس، للكرامة الإنسانية في معانيها البديهية البسيطة.  هنا، وفي الجوار، حيث الوحوش البشرية تسرح وتمرح وتدمّر وتقتل وتمارس طغيانها و... "تعيش"، لا قيمة لهذا الذي يُقال أعلاه، لأن "الوحوش" هذه لا تتألم، لا تجوع، لا تصاب بالكوابيس، ولا تفكّر.الفلسفة تقول بألسنة فلاسفتها، هناك خطأ ما مرتكَب منذ البداية، منذ بداية الكون، ويستحيل تصحيحه، أو الرجوع عنه. والحال هذه، تكمل الفلسفة حكمتها، لا بدّ من التعايش مع هذا المصير المحتوم، لا بدّ من الرضوخ.لكن كيف؟ بعضنا يُجنّ. بعضنا يُصاب بالاكتئاب. بعضنا "يتسلى" بالنسيان، بالهرب، بالتجاهل.كثرٌ آخرون يريدون أن "يتعلموا"، فيحاولون بدون جدوى العثور على طريقة، لكنهم لا يعرفون كيف "يتعايشون" مع هذه المعادلة الصمّاء البكماء العمياء، التي لم يتمكن أحد حتى الآن من فتح ثغرة جوهرية حقيقية بسيطة في جدارها المنيع.  ذلك أن المعضلة على بساطتها، بالغة التعقيد؛ فلا "الوحش" يريد، أو يستطيع، الانقلاب على توحشه، ولا "الإنسان" يطمح، أو يريد، أن يصير "وحشاً".في الغرف المغلقة، في الكتب، في رطوبة الحبر، وفي الوقت الذي يمرّ بانتباه شديد، يتساقط وردٌ كثيف شبيه بالروح، ييبس، ينخلع، ينعطب، ويذهب إلى عدم. وعجلة الوجود مستمرة في الدوران، كأن شيئا لم يكن، كأن فاجعة الحياة هذه لا تكون. 
فكرة قلقة عابرةزرقة خلابة.. أخضر سندسي ممتد ووجه حسن هادئعجلات العربة تدور وتدور وموسيقى كلاسيكية في خلفية المشهدأرجو ألا يكون للسيارة آذان أو ذاكرة..    : ما الذي يدعو الناس الى حرق السفن وهم فيها؟: حاجة ما فقدت في تلك العلاقة مثلا؟: للأسف.. بعض الناس عندما يواجهون مشكلة مع مشاعرهم تجاه موقف معين أو تحد يمرون به، يلجأون الى معاقبة أنفسهم ومن حولهم بغض النظر عما يمكن أن تؤول اليه الأمور. : قد تمضي سنوات يبدأ بعدها محاولات لرأب الصدع في السفينة التي كانت تحمل ركاباً آخرين.. فينتبه أن المركب لم يعد موجودا أصلا وأن الركاب اختفوا، بعضهم غرق وآخرون نجوا واستقروا بعيداً بعيداً بعيداً حديث عابراليوم في إحدى المدن الصغيرة في وسط منطقة جويلف بكندا، دخلتُ وصديقتي محلاً لبيع الأدوات المنزلية، سألتنا السيدة المسنة: ماذا تتكلمون؟ قلنا: العربية، قالت: صوت لغتكم جميل لكنه صعب.. قلت: ليس تماما، هل تودين تعلم كلمة عربية؟ قالت نعم (كلمة تحية) قلت: أهلا. أعادت الكلمة مبتسمة: (أهلا)..وقفنا عند الدفع، تابعت: هل أنتم من المنطقة المنكوبة (تقصد غزة)، قلت: نعم هؤلاء أهلنا... بدا عليها التأثر وقالت: أنا آسفة جداً لما يحصل وهو أمر لا يُحتمل.فكرة قلقة دائمة ما الذي يجعل شخصا في علاقة إنسانية قوية مثل صديق طفولة أو رفيق عمر يستغني فجأة عن الطرف الثاني دون أن يقدم سببا لذلك؟لماذا ينأى الناس بأنفسهم عن المواجهة؟ : هل يختفي شعور التعاسة بأن تفقد شخصا عزيزاً على قلبك لأنه قرر ذلك دون الرغبة في الإفصاح عن السبب؟: بعد مدة يصبح مثل ألم جرح رصاصة قديم لم يقتلك.. يوجعك في ليلة باردة.. حديث سكينةنحن نوع من الناس نحب أن نربط تفاصيل حياتنا اليومية بالذكريات.. فتجعل من صنع فنجان القهوة الصباحي اليومي..روتيناً محبباً وولوجاً سعيداً في مشهد صباح عمّاني يحمل عطر الوالدة وابتسامة صديق قديم وهدية من خال لم نره منذ زمن..  وتجعل من كوب الشاي على حافة النافدة قصيدة، تحمل أبياتا تتغزل بأمي وابتسامتها.. وبعض أيام من حياتي قضيتها أجمع زهرات الياسمين عقداً يطوق عنقها المبارك.
أحيانا الواحد بيتكسف من روحه لما يقدم نفسه للناس في منطقتنا (اللي هي أهدى مكان على وجه الأرض) على إنه من الأشخاص محبي السلام! الناس فجأة بتبصلك على إنك كائن جاي من مجرة بعيدة، وماعندوش فكرة عن سلو بلادنا هنا. ويبتدوا يسألوك أسئلة زي: إنت محب للسلام؟، يعني إيه يعني محب للسلام؟ وتحب السلام ليه يا أخي؟ مين عمللك إيه يعني في حياتك عشان تبقى عايز الدنيا تمشي في هدوء من غير مشاكل وما تصحاش مع طلعة كل شمس تقول: هات عاليها واطيها يا رب؟في بدايات الحرب الحالية، إبان أحداث السابع من أكتوبر، أتذكر البعض اللي كان قلقان من رد فعل إسرائيل على العمليات، وكالعادة خرجت الأصوات تلوم القلقانين وتتهمهم بالتخاذل وبإنهم مش قاريين الموقف صح، وإن هيحصل إيه لأهل غزة يعني أكتر من اللي حاصل لهم، ولما دارت دواير الحرب وشاهدنا كلنا إنها تحولت لحرب تطهير عرقي ونتج عنها واحدة من أكبر المآسي البشرية عبر التاريخ، لسه برضه اللي بيتساءل عن أي حل سلمي يوقف ماكينات الحرب ولو شوية عشان الناس حتى تدفن موتاهم أو بييجي على طرف لسانه أي حديث عن عواقب الأفعال، والنتيجة الثقيلة لأعداد الضحايا من المدنيين، وجثث الأطفال اللي ما كانتش هتترص بالكثافة دي لو أي حد في أي حتة فكر في نتايج اللي بيعمله، وإن الانتصارات المعنوية إن وجدت مش هتبرر أنهار الدماء اللي سالت ولسه بتسيل، هتلاقي كم من الأصوات اللي طالعة تخرس المتحدث وتتهمه بالعمالة والخيانة، حتى وإن كان المتحدث يتحدث من داخل بيته المتهدم محاط بجثامين عائلته، واللائمين بيلوموه من بيوتهم جالسين تحت أجهزة التكييف.!وإن كان لحساسية القضية تأثير، ولطول مدة الصراع أثرها في التنظير، فإيه تفسيرنا للي حصل خلال هذا الأسبوع مثلا عندما خرجت المسيرات الإيرانية عشان تناوش في المنطقة المحيطة بإسرائيل وتقول أنا أهه، أقدر أوصل لو عايزة، بس مش وقته! وإذ بجموع الشعوب العربية مستاءة جدا إن إيران ما استخدمتش النووي وقضت علينا كلنا، واعتبروها لأنها لم تشعل فتيل آخر للحرب، كانت بتقوم بتمثيلية أو شيء من هذا القبيل!يا جماعة الخير، واحنا هنستفيد إيه طيب من حرب إضافية في المنطقة؟، هل مش مفهوم إنها هتضر بمصالح أبرياء وهتسقط ضحايا من المدنيين، هل مش متوقع انها هتوقف حال التجارة والصناعة والسياحة وهتنحدر بأساسيات الحياة في المنطقة ككل لأسفل سافلين؟إيه الجميل قوي في الحروب اللي مخليكم حابينها ومتحمسين لها للدرجة دي؟ هل هو حب للأكشان مثلا؟ هل احنا ناقصنا ثريللر في حياتنا؟. أصل احنا مش عايشين في منطقة هادية لا سمح الله ولا مملة لا قدر الله! ده احنا حرفيا كل أسبوعين فيه مصيبة سودة نازلة ترف فوق نافوخنا! على العموم أنا مش عايزة أعضاء (رابطة كارهي السلام) يقلقوا خالص في أي وقت، لأنه من الواضح إن منطقتنا على العهد دايما، لا عمرها كانت هادية ولا هتهدى وهتفضل طول الوقت مولعة ومش لاقية اللي يطفيها، ولا عزاء لأي محب للسلام! 
هناك حولنا أشخاص يعلقون على مختلف تفاصيل الحياة، ثم، هناك صنف ثانٍ من الأشخاص، يتحدثون في المطلق ويحكمون على كل شيء بتعميم مرعب. لا يفهمون أنك قد تكون مختلفا... أن اختياراتهم قد لا تناسبك، أن ما هو مهم بالنسبة لهم قد لا يروق لك وأن ما هو أساسي بالنسبة لك قد يكون تافها أو غير ذي قيمة بالنسبة لهم. لديهم رأي حاسم في كل شيء وفي كل شخص. لا يفهمون أن العالم واسع جدا وأن الاختيارات المتاحة متعددة. هناك حولنا أشخاص يعلقون على مختلف تفاصيل الحياة كالتالي: -    "كاختيار شخصي يتعلق بحياتي، أرى أن الحياة الزوجية هي كذا"؛ -    أو مثلا: "بالنسبة لي، أحب أن أحتفل برأس السنة بهذه الطريقة"؛ -    أو "اخترت أنا وزوجتي، أو أنا وزوجي، أن ننجب طفلا واحدا، فقط لا غير". إلى غير ذلك من الاختيارات الحياتية الشخصية...ثم، هناك صنف ثانٍ من الأشخاص، يتحدثون في المطلق ويحكمون على كل شيء بتعميم مرعب:  -    "الحياة الزوجية هي كذا، وهي لا تستقيم إلا بكذا"؛ -    أو: "بناء المسار المهني للشخص يجب أن يكون بالشكل التالي، وإلا فإنه لن ينجح في حياته"، -    أو: "لا معنى للحياة بدون أطفال، والأشخاص الذين يرفضون الإنجاب هم أشخاص أنانيون أو غير أسوياء"؛ -    أو "الدراسة في هذا التخصص ليست مفيدة بتاتا"... -    أو: "لا معنى لتبذير النقود في السفر... الادخار أهم من السفر". لهم رأي حاسم في كل شيء، حتى حين يتعلق الأمر باختيارات الآخرين، وحتى حين يتعلق الأمر بتفاصيل تحتمل عدة قراءات وعدة تأويلات.  لا يفهمون أنك قد تكون مختلفا... أن اختياراتهم قد لا تناسبك، أن ما هو مهم بالنسبة لهم قد لا يروق لك وأن ما هو أساسي بالنسبة لك قد يكون تافها أو غير ذي قيمة بالنسبة لهم. لديهم رأي حاسم في كل شيء وفي كل شخص. لا يفهمون أن العالم واسع جدا وأن الاختيارات المتاحة متعددة.هؤلاء طبعا، في معظمهم، هم من يحكمون بشكل سيء جدا على من يختارون تفاصيل مختلفة، في الحياة والدين والزواج والعمل والحب. لكن تساؤلا مشروعا يستحق أن يطرح: هل هم غير قادرين على تصور الاختلاف، وهل هم سيئون بهذا القدر مع من يختلفون معهم، لأنهم محدودو الرؤية غير قادرين على استيعاب الاختلاف، أم لأنهم ربما يحسدون من يملكون جرأة الاختيار والاختلاف، فيتهجمون عليهم غيرة من شجاعة لا يمتلكونها؟ أو ربما يجوز التفسيران، حيث يجتمع قصر النظر وعدم القدرة على استيعاب الاختلاف، مع الغيرة ممن يملكون شجاعة الاختلاف! 
أهلا أهلا بالعيد، مرحب مرحب بالعيد. وعلى الرغم من كل ما يرتع في الدنيا من جنون، وعلى الرغم مما نلاقيه يوميا من غلظة وجلافة وتوحش يكاد يشككنا في جدوى الوجود، وضرورة الصمود، وقيمة الاحتفال وعلى الرغم من إننا كشعوب نميل في أحيان كتيرة للنكد والأفورة. فستظل نار الدنيا في حاجة إلى نسمة هواء تلطف من زمهريرها، وإن جاءت تلك النسمة عن طريق بسمة أو ضحكة أو احتفال فأهلا بيها يعني، حد يزعل أو يمانع؟بس عادي، فيه ناس بتزعل وتمانع. قبل رمضان كان فيه آراء كتير بتقول بلاش تحتفلوا برمضان السنة دي يا جماعة، عيب ما يصحش تعملوا كنافة وقطايف، ولا تتفرجوا على برامج ومسلسلات، تأدبوا، انتم مش شايفين اللي بيجرى لاخواتنا جنبنا. ثم إذ بينا نفاجأ بإن اخوتنا اللي جنبنا أصلا بيعدوا العدة على قدر ما يتاح ليهم من استعدادات لرمضان. بل إني قريت تقرير صحفي عن وجود سوق لبيع وشراء حلقات مسلسلات رمضان المصرية حلقة بحلقة وقت نزولها، والرواج الأكبر كان للمسلسلات الكوميدية.تخيل معايا شاب بيشتري حلقة مسلسل، تتنقل له على موبايل مشحون بالعافية، جالس في بيت مهدم أو مهدد بالهدم محاولا إنه يخطف من عمر الزمن هدنة دقايق يفتكر فيها البشر كانوا بيضحكوا "ازاي! المثال الحي لأبيات الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا. واحنا كمان نحب الحياة ، كمنطقة وشعوب وثقافة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، عدت علينا حروب ومآسي وأوبئة ومجاعات، وكما يقول المثل الشعبي، ياما دقت ع الراس طبول. صعب جدا في أحلك الظروف اللي بتمر بينا أو بآخرين يعزوا علينا نتخلى عن تمسكنا بالاحتفال بأي مناسبة معدية، ده احنا حتى أحيانا بنتلكك عشان نحتفل ونعمل أكلة مخصوصة للاحتفال، وهوب تبقى تقليد بنلتزم بيه بشكل يكاد يكون مقدس مهما كانت الظروف المحيطة حالكة السواد، ومهما كانت الأكلة ذات نفسها ممكن تقلب الدنيا سواد: (أنظر باب الرنجة والفسيخ في شم النسيم والتحذيرات السنوية عن مدى خطورتهم وتجاهلنا التام لكل التحذيرات). بل إننا ساعات بنعمل أكلات احتفالية لأحداث مأساوية برضه من باب التلاكيك: (أنظر باب حلوى أم علي اللي اتعملت احتفالا بإن واحدة سلطت على واحدة تانية الجواري يموتوها ضربا بالقباقيب). ثم إن الاحتفال في حد ذاته وكأنه غصن أخضر بينبت بين الركام. بيقول للي تكالبوا علينا إننا ما انتهيناش، ما يأسناش، وعارفين إن هييجي يوم قريب نرجع فيه نعيش كما يعيش البشر، ونسعى ونحلم ونتعب ونضحك بملء أفواهنا. حاجو بتقول: إحنا هنا، ما فقدناش الأمل في بكرة وما انتهيناش. وده شيء بيحرق دم أعداءنا بالمناسبة، حاجة كده زي التكبيب اللي بتكببه الستات في المناطق الشعبية وقت الخناقات. قضينا رمضان ولسه قادرين نحس ببهجته، واحتفلنا بأيام العيد وصلينا، وتبادلنا التهاني، ودفعنا العيديات وأكلنا الكحك والبسكويت، عشان احنا هنا و هنفضل هنا، وهنفضل محتفظين بحب الحياة، إذا ما استطعنا إليها سبيلا. 
مؤخرا أصبحت متداولة بين فتيات الجيل الجديد سواء من العربيات أو الغربيات فكرة الزواج من رجل ثري يتحمل كل المصاريف، وتعيش هي كأميرة خالية من أي مسؤولية، وتقضي حياتها في تصوير كوب القهوة، والطائرة الخاصة، ثم تنشر الصور على الإنستجرام. الفكرة شبيهة بقصة سندريلا عندما يأتي الأمير الثري، وينقذها من المطبخ، ومسح الأرض، ويأخذها للقصر الذي لا نعرف ماذا يحدث فيه بعد ذلك. الغريب أن ظاهرة الزوج الثري هذه أتت بعد الفكرة التي كانت شائعة بين بنات جيلي، وهي فكرة المرأة القوية التي تعتمد على نفسها لكيلا يأتي رجل يتسبب في إذلالها لأنها تحتاج إليه. هذه الفكرة كانت نتاج سنوات من القهر رأيناها لنساء في الزمن الماضي كن غير متعلمات، ولا يستطعن العمل، فيضطررن لتحمل حياة بائسة بدلًا عن الفقر، والحاجة للآخرين. لكن يبدو أن فتيات الجيل الجديد نسين هذه الحقيقة ويعتقدن أن الزواج من ثري وحده كافٍ، ولا داعي لأن تطور نفسها، فمهمتها يجب أن تتركز في الحصول على (شوجر دادي) بالحلال في أسرع وقت ممكن.يأتي هذا الفكر مع انتشار برامج تسهل الربح السريع عبر عرض النساء لأجسادهن مثل برنامج "only fans" الذي تعتبره بعض الفتيات مباحًا لأن لا تلاقي فيه، وإنما يدفع الرجل أموالًا في مقابل المشاهدة فقط عبر الأثير. فكرة التوقف عن العمل، والاعتماد على الزوج ربما جيدة إن كان الزوج ثريًّا، أما إن كان (على قد حاله) فلن يكون الزواج بدون عمل له نفس الرومانسية، فهو وحده لن يستطيع تحمل مصاريف البيت. أنا لست ضد أن ترتاح المرأة إن اختارت أن تتزوج من ثري بشرط أن تختاره لأسباب أخرى أيضًا، وليس فقط من أجل أمواله، وأن تضمن مستقبلها لكيلا تتعرض للإذلال. وأيضا أؤيد أن يتعاون الزوجان ماديًّا في حالة كان الزوج غير قادر بشرط أن تكون المشاركة أيضا في المطبخ، ومسح الأرض، ولا تكون سندريلا وحدها من تقوم بكل الواجبات. 
تخيفني، أحياناً، بعض الاكتشافات المسمّاة "علمية". تخيفني لأن الجديد منها قد يطيح بما سبقه وحتى ينقضه. وقد شهدنا ذلك مرارا خلال العقود الماضية. اذ تظهر فجأة دراسة تشيد بفوائد مادة معينة، ثم تظهر بعد مدة دراسة أخرى تفيد بأن المادة إياها مضرة، وهكذا دواليك. مناسبة هذا الحديث اليوم، بحثٌ جديد اطّلعت عليه حول الغرائز الجندرية المزعومة. اذ طويلاً تحدّث علم النسل عن غريزة "بناء العش" لدى الأنثى، وغريزة "الصيد" لدى الذكر. أي أن العلم كان يدّعي أن الأنثى، بغريزتها، تبحث عن البيت والأمان، والرجل، بغريزته، يبحث عن المغامرات والطرائد. هذا ما سمعناه مراراً وتكراراً في دروس العلوم الحيّة وقرأناه في الصحف والمجلات العلمية. ولكن، هاكم المفاجأة: أثبتت الدراسات الحديثة أن هذه الفرضية خاطئة، ليس فيها أي شيء من الصحّة. لنفكّر معاً للحظة كم سمّمت هذه النظرية، وذكوريتها الجلية، من الأجيال والعقول والروابط على مرّ الزمن، قبل أن يَثْبُت بطلانها الآن؟ ثم حدّثوا ولا حرج عن الاكتشافات المرتبطة بالطب وصحة الإنسان. هنا بحث يزعم أن الأفوكادو مفيد، وهناك دراسة تؤكد أنه يزيد نسبة الدهون في الدم. هنا لقاح يحمي من مرض خطير، ثم يتبدّى أنه يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض أكثر خطورة. هنا طبيب يؤكد أن جسم الإنسان غير مؤهل لهضم اللحوم، وهناك طبيب آخر يثبت أن النظام الغذائي النباتي يلحق أضراراً هائلة بالبنية. قالوا إن السكر سم قاتل فاستبدلوه بالمحليات الصناعية، ثم اكتشفنا أن المحليات الصناعية تتسبب بالسرطان. وهلم جرّاً. لكأننا في غابة لا قانون فيها ولا دستور، وحياتنا رهن لعبة نرد، إما تصيب وإما تخطئ. أما شرط البقاء فالمصادفات، وقدرتنا على التعايش مع كل هذه التناقضات التي تعصف بأقدارنا وأجسادنا. تناقضات تغذيها، حصراً تقريباً، الديناميات الاقتصادية والمالية لشركات كبرى تتحكّم بما نأكل ونشرب ونستهلك وسواها.كيف الخلاص من هذا العبث؟ هو يكمن في رأيي في قدرتنا على مقاربة كل ما يقال لنا بقدر عال من التشكيك، خصوصاً عندما يصير موضة منتشرة، وربما أيضاً في العودة الى نمط عيش أسلافنا، أي الحياة "على البركة" وبلا كثير ضبط. هذه بدورها لعبة نرد، لكن النرد في الأقل هو هنا في أيدي الطبيعة، لا أصحاب المصالح.
أتأمل النقاشات حول تعديل مدونة الأسرة في المغرب، وأنا منقسمة بين ألم وابتسامة... ألم وأنا أرى تشبث البعض بأفكار وقيم وممارسات لا يمكن القبول بها في مغرب اليوم: تزويج الصغيرات، حيث يعتبر الكثير من مناهضي التعديل أن سن 14 سنة مناسب للزواج، ويقول بعضهم إن الأساس ليس البلوغ وإنما القدرة على الجماع!  هوس ذكوري بالجنس مع الطفلات، إذ أي قدرة على الجماع وأي رغبة جنسية لدى طفلة؟ لكن، من تحدث عن الرغبة؟ حَمَلة هذا الخطاب لا يعترفون بحق النساء في المتعة والرغبة الجنسية! الاغتصاب الزوجي عندهم بدعة غربية تهدد الأسر المغربية.يعتبرون المساواة في الإرث تهديدا للدين. فهل سيصبح الشخص أقل إسلاما حين يتساوى في الإرث مع أخته؟ بل أنهم يكذبون على الدين حين يقولون إن هناك حالات كثيرة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وحين تسألهم عنها، يقدمون حالة ترث فيها الابنة والزوجة أكثر من قريب آخر للميت، في مغالطة وكذب بيّن، مادام مستوى القرابة ليس نفسَه. ويكذبون على الله حين ينسخون آيات الوصية جميعَها بحديث نبوي مشكوك أساسا في صحته وسنده. بل حتى لو كان صحيحا، متى كان الحديث ينسخ القرآن؟ ويتشبثون بالتعصيب، ومعظمنا عايش الكوارث الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية لتطبيقه في واقعنا الحالي.أتأمل كل هذا بألم وابتسامة وأتساءل: حين تم إلغاء العبودية من القوانين والمجتمعات التي سبقتنا، هل وقعت نفس أشكال المقاومة؟ وهل خرج عشرات الأشخاص يعترضون على تغيير دين الله وضد الاعتراض على آيات صريحة؟ لكننا اليوم، باستثناء بعض الأفكار المتطرفة، ننخرط في مجتمعات لا يمكنها أن تقبل فكرة شراء وبيع البشر وامتهانهم إنسانيا واجتماعيا وحقوقيا وجنسيا. وحين تم إقرار تعليم البنات، ألم تخرج نفس أشكال المقاومة والرفض والتهديد وشعارات الخوف على قيم المجتمع وتهديد الأخلاق وقيم الأسرة؟الحقيقة أن سيرورة المجتمع في تغير مستمر، بممارساته وقيمه وقوانينه. الحيف ضد النساء هو واقع أكيد لا تنكره إلا عقلية ذكورية أو راغب في الوصاية أو مطبِّع مع العنف والظلم. لا نعرف بعد ما قد تقدمه الصيغة الجديدة لمدونة الأسرة من تعديلات. لكن، يوما ما، ستقرأ عنا الأجيال المقبلة وستضحك مستغربة من واقعنا اليوم ومن نقاشات تصر على الحفاظ عليه كما هو!
loading
Comments 
Download from Google Play
Download from App Store