Discoverالآن غداً"ليالي القراءة": شعرٌ يغرف من الأجساد
"ليالي القراءة": شعرٌ يغرف من الأجساد

"ليالي القراءة": شعرٌ يغرف من الأجساد

Update: 2024-01-19
Share

Description

قراءات وأسئلة عن الجسد تأتيكم بأصوات شعراء من بلدان عربية تزامناً مع النسخة الثالثة من "ليالي القراءة" التي ينظمها المركز الفرنسي للكتاب هذا العام تحت ثيمة الجسد. 

يستضيف طارق حمدان كلاً من الشعراء: جوزيف عيساوي ـ لبنان، لمياء المقدم ـ تونس، رشا عمران ـ سوريا، آلاء حسانين ـ مصر، أبرار سعيد ـ السعودية.

نصوص الشعراء:

جوزيف عيساوي -

تهويدة أُمّ

 

مزيلُ العرقِ

يحيّرني في جنسي.

أيفوح بالورد

جسمُ رجل؟

كانت أمي تهدهدني:

"طيزِك طيزِك طيّازة

هيي شقفة ألمازة.

يسْكروا عليها الشباب

وهيي للعرق مازة" 

يا للجمال والرعب

مامعنى طيازة؟

أملأى بالفضلات

من جُود الكَرَم؟

أمكوّرة ككرة تُركلُ

وتُركل

إلى أن تَدخلَ الشّباكَ

فتعبدَ وتباسَ

كما تبوس أمي مؤخرتي

بعد الحمّام؟

أم أبيّة على العين

الحاسدة

وحالاتِ إسهالٍ

وحصوصِ صنوبرِ دُسّت

لِفضّ الإمساك؟

كانت أمّي تحمّمني

في «لَكَنٍ» تغسلُ فيه

الثياب،

يدُها الدوش

وقلبُها الكيْلة.

مرة بعد الحمام

صوبت مياهي عليه

شاهدتها بعد ذلك

تغسل قدميها بالمياه.

أخالها تنويمةً

لم يشأ أن يسمعها

سوانا

أحد.

العناصر

 

سحبوا دمي

بوّلتُ في حنجور

هو جسمي

امشي يمشي

يَمرضُ امرض

يهوَى اهوِي

امارسُ الجنسَ

يمارِس

انا هو

وهو انا

حتى نذوبَ

في العناصر.

 

لمياء المقدم -

من "كتاب الجسد"

 

لم تأت الفوضى من عدم، ولم يكن في وسع الجسد الضحل أن يستمر في المقاومة.

أدركته الموجة الأخيرة قبل أن ينزع أطرافه، وكان عليه أن يستسلم. أطاع الماء والهواء وخدم النار بذمة. في الداخل لم يتغير شيء.

فكر أن يحرق نفسه فلا يبقى منه شيء

للقصص والأساطير، قضى على الشهوة،

الجذل والتمايل، ومن الجلد نفسه صنع قفازين وكمامة ومشى بين البشر، ولكن لماذا يمشي في النهاية، وكان بإمكانه أن ينام إلى الأبد؟

في تلك الليلة، نام الجسد وهو يحلم

بأنه يجري امتحانا عسيرا، وأنه تأخر عن موعده،

 وفي الصباح لم يكن له أثر.

اختُطف الجسد من فراشه. لم يجدوه بعد ذلك أبدا. في التراب وعلى الجدران علق غبار منه، وفي الميكروباص يزجر السائق الراكبين بذبذبات تركها فراغه. كان الجسد المخطوف أبا للكون وباحثا ماهرا عن أشكال جديدة يصب فيها آلامه. توقع الجميع أن يظهر منه شيء في الشعر..

في ديانات جديدة،

فكرة أولية

فرضية

هياكل تتباعد فيما بينها بمسافة متر.

لكن الجسد اختفى هذه المرة بلا رجعة، كأنه لم يكن.

الليل يقطع الظلام إلى كتل.

صوت قطارات بعيدة تقترب وكلاب تجري باتجاهها.

- من انت؟

- جسد!

- من أين جئت؟

- ......

- ماذا تفعل هنا؟

- ........

-لماذا ترتجف؟

- أجساد تطاردني٬ تتذكرني وتحلم بي

- لماذا تغطي جسدك بالأوراق؟

-ليس جسدي.

-جسد من؟

- الزمن

- ولماذا تتنكر في جسد الزمن؟

-.....

 في كل بيت زمن متنكر في شجرة تفاح، كرز، تين أو عنب، زمن هارب من نفسه، من خيالاته، من هلوساته. أمام كل باب يقف زمن يدخن، ويده في جيبه، تماما كأنه صاحب البيت وراعيه، مع أنه القنبلة التي ستفجر الجدران وتطير اللحم في الهواء.

ليس للزمن بيت كما نعرف. مشردا عاش، رغم كل البيوت التي سكنها والأوطان التي انتقل بينها. تضخمت فكرته عن نفسه فأخذته بعيدا وتتصور أنه قادر على خوض المعركة. لبس خوذته وحمل سيفه وانطلق متسلحا بالمشاعر. كان مصنعا حقيقيا للعواطف بكل أنواعها:

يستلقي ويلد الآلام بأشكالها

 يتذكر كثيرا

لا يحرك يده فلا تسقط منها عواطف ما تزال تحت الماكينة

رجله فتختنق عاطفة وهي تولد.

ليس بمقدوره أن يرفع اصبعا ليزيل به ذبابة عن عينه،

مصنع حقيقي

للعواطف المتكسرة كالحصاة

ليل نهار محركاته لا توقف.

أدرك الجسد الفرق بين اللحم والتراب،

بين الشجر والماء، بعد أن مر منها- جميعا واستقر في الزمن. يرتدي جلبابا ويضع على رأسه ورقة، جائلا في الكون. كما تأكدت له حقيقة مؤلمة، وهي أنه بلا جنس،

وهذا معناه شيء واحد: لا وجود حقيقي له إلا في تصوره عن نفسه. أي تعديل بسيط يعني موتا كاملا، وهنا تمنى الجسد لو أنه مشى كالديدان على الأرض وترك الأقدام تدهسه. أقدام لأجساد أخرى تجوب الكون مثله ولا تجد بيتها،

وبكى.

لا يملك الجسد دموعا ليذرفها، وليس في جيبه ورقة واحدة يمسح بها أنفه. الأدهى٬ لا أحد رآه يبكي، لا أحد شهد لحظة ميلاده، أو بكائه، أو تحوله من واقع لواقع. كل ما حدث، حدث مرة واحدة، وإلى الأبد. وهذا العالم الممتد الواسع، هذه البحار التي أغرقته، الشوارع التي نام فوق أحجارها، الصخور التي تمدد فوقها،

الحروب والآفات، الآلام القديمة،

الفلسفة والعلم،

لم تكن إلا البروفة الأولية لصناعته.

من هذا الجسد؟

وما الذي يفعله في هذا الكون؟

 

رشا عمران -

نقشٌ

 

لا أعرفُ إن كنتُ أُشبِهُ غيري من النساء

فأنا لي بطنٌ مُترهِّلةٌ، أُخبِّئُ بين طيَّاتِها الرقيقةِ قصائدَ عروةَ بنِ الوردِ، وأشعارَ نيرودا

ولي أصابعُ قصيرةٌ، حجمُها لا يكفي لقَضْمٍ متواصلٍ للندم

لكنها تكفينِي للكتابة

ولي، مثلُ الكثيراتِ غيري، ساقان ممتلئتان، لا تصلحان لغَزَلِ شعراءِ الحداثة

ما يُميِّزُني من غيري من النساءِ: ثنيتان طويلتان على جانبَي ظَهْري، تحميان اسمَكَ المنقوشَ في أعلاه

أسفلَ العنقِ تماماً

كما لو أنهُ وَشْمٌ محمولٌ على لوحٍ بارز

مُخصَّصٍ للقصائدِ اليتيمةِ فقط.

 

تُفَّاحةٌ

 

لستُ جميلة

ثمَّةَ ثَنِيَّةٌ واضحةٌ في جفنِيَ الأيمن

وانتفاخاتٌ قليلةٌ أسفلَ عينَيّ

وهنالك خُطُوطُ الحزنِ على جانبَي فمي

لستُ جميلة

جسمي مُكوَّرٌ كما لو أن أُمِّي اشتهتِ التُّفَّاحَ حين حَمَلَتْ بي

لهذا ربَّما أتبعُ حَدْسيَ وهو يُلاحِقُ الخطيئة

وأتلوَّى كأفعى ثقيلةٍ حين يصلُ رأسي أعلى الشجرةِ، كي لا يطالَهُ أحد

لستُ جميلة

لكنني حين أُقبِّلُ أصابعَ الرجلِ الذي أُحبُّه

ينفردُ جَسَدِي، ويستطيل

بينما أصابعُهُ تُعيدُ رَسْمَ وجهي كما أشتهي:

امرأةٌ شابَّةٌ بعينَيْن لامعَتَيْن

وابتسامةٍ واسعة

وقلبٍ ينبضُ بقوَّةِ أفعى، أَخرَجَتْ ما في جوفِها قبلَ أن تأخذَ قيلولةً قصيرة

تاركةً لظِلِّها أن ينعكسَ على جِذْعِ شجرة

مثلَ ساحرةٍ تُغيِّرُ شكلَها كلَّ حين

بينما أصابعُ الرجلِ الذي أُحبُّه

تُثبِّتُ الظِّلَّ على جِذْعِ الشجرة

كلوحةٍ تُصوِّرُ امرأةً جميلة

يخفي الرَّسَّامُ ترهُّلَ جَسَدِها بألوانِهِ الدافئة

كي أقتنعَ حين أرى ظِلِّي مُثبَّتاً على الشجرة

أنني امرأةٌ جميلة

لا عمرَ محدَّداً لها.

 

آلاء حسانين -

إنه مجرد دم

 

 

بطريقة ما، هذا الدم على المحارم البيضاء

الدم الذي سال بكثافة بين فخذيّ

وكوّن بقعًا على البلاط؛

كان ليصير طفلًا.

قلت لنفسي: إنه مجرد دم

شيء بسيط، مثل أن يجرح المرء إصبعه.

وتخيلت طفلًا بحاجبين كثيفين

يخرج من بقعة دم

ويتعثر في الرواق.

لا أفكر بالعالم

ولا أهتم للأطفال،

حين يضحكون عاليًا،

أتمنى أن يسكتوا..

وحين يدورون طلبًا للمال،

أتمنى أن يذهبوا بعيدًا..

وقد توقفت عن رؤية نفسي في كل طفل مكتئب.

تجرعت سنوات كثيرة،

لأبتعد سريعًا عن طفولتي..

وشربت كل يوم تقريبًا،

حتى أقدر على الضحك..

ورحبت باليد التي تطلب رقصة،

لأن الحب جميل،

وسعيد..

الحب طفل.

أغمضت عينيّ،

وبورقة ملفوفة من فئة المئتين

استنشقت رمادًا أبيضًا..

ثم صمتُّ ليلة كاملة،

التنفس وحده

كان يجعلني أنتشي.

عرفت بوجود طفل في داخلي،

لكني قلت، وأنا أشرب النبيذ من الزجاجة،

بأني أريده ميتًا.

في الصباح التالي، ابتلعت حبوبًا مهربة داخل عربة المترو

وقلت: سيموت في الشارع،

سيكون طفلًا ميتًا وجميلًا.

دخنت علبة سجائر كاملة حين بدأت أشعر بالتوعك،

أصدقائي قالوا بأني أتسبب بالكآبة لهم

اعتذرت سريعًا وقضيت ساعتين في حمام عموميّ،

يمكن للدم ألا يتوقف أبدًا.

سال طفلي دمًا ومخدرات وكحول ونيكوتين

وأعرف أني لم أشعر بشيء

ولم أتألم كثيرًا..

لكني فكرت وأنا أغسل الدم عن البلاط

بأنه كان ليصير إنسانًا

وأني أحمل داخل جسدي خزانة مليئة بالأطفال،

أطفال بحواجب كثيفة

وعيون ملونة

وبشرات داكنة.

وخرجت أدور أمام السيارات

العالم خارجي أكبر من أن أفهمه

العالم داخلي أكبر من أن أفهمه

أصدقائي حضروا لجري بعيدًا

وقالوا إني أتسبب لنفسي بالكآبة

بينما دسست في جيب معطفي طفلًا في كيس بلاستيكيّ.

قالوا أيضًا بأن الحياة جميلة

وأنني شابة

وأحدهم تحدث بتردد عن طبيب جيد وأمسك بذراعي

بينما بكيت وأنا أدخل يدي الأخرى في جيبي

وأصافح طفلًا صغيرًا

قررت أنا أن يحضر ميتًا.

 

أبرار سعيد -

جوع حميمي

 

كم يبدو تافهاً

أنْ أنامَ كلَّ ليلةٍ بعد هُتافٍ قاسٍ،

هُتافٍ جريحٍ

ومُتوَحِّشٍ لن يَصِلَكَ.

أنْ تعرفَ، في لحظة ما، ارتعاشةَ قلبِكَ كطائرٍ خائفٍ ولا ترى ريشَهُ، في تلك اللحظة، عالقاً بين شفتَيَّ

وأنا عاجزَة عن لَفظِه أو التهامِه.

حِيالَ الجوعِ الحميميّ، الجوعِ الذي يَطحنُ الأحشاءَ بلا هَوادة

أضَعُ حبَّاتِ التوتِ على أطرافِ أصابعي

أَعصِرُ حبّةً تِلوَ الأُخرى

كما لو أنّه عصيرُ قُبلَتِك

كما لو أنّ دمي مَخمورٌ بعدَ إيقاعٍ

خالدٍ مَعك.

صارَ من المُمكنِ استعاضةُ بعضٍ منك من أيِّ شيءٍ كان، وقد أصبَحتَ أنتَ كلَّ شيء.

البرمجة الموسيقية:

 

Antony  and  the  Johnsons  -  I  Fell  In  Love  With  a  Dead  Boy

ريز سليمان   شهرزا

<a href="https://www.yout

Comments 
In Channel
loading
00:00
00:00
x

0.5x

0.8x

1.0x

1.25x

1.5x

2.0x

3.0x

Sleep Timer

Off

End of Episode

5 Minutes

10 Minutes

15 Minutes

30 Minutes

45 Minutes

60 Minutes

120 Minutes

"ليالي القراءة": شعرٌ يغرف من الأجساد

"ليالي القراءة": شعرٌ يغرف من الأجساد

مونت كارلو الدولية / MCD