براندون

براندون

Update: 2020-09-23
Share

Description

لم يخرج براندون من جزيرته كزائر منذ ما يقارب العشرين عاما وها نحن نحضى بزيارته الفريدة من نوعها . براندون ذلك الجندي الانجليزي الذي وطأت اقدامه هذه الجزيره قبل خمسين عاما عندما أتاها سائحا باحثا عن الحرية الروحية بعد ما قاساه من حروب.. من على ظهر مدرعة الجيش التي تقله للمطار عائدا لاوطانه تهب عليه نسمة أحيت صدره المثقل بالهموم.. أحسّ أنّ هذه النسمة هي ما يتوق اليه.. وتهبُّ عليه توأمُ تلك النسمة على شواطئ سيشل وبالأخص جزيرة ماهي.. يذهب لشواطئها.. فيدنو منه على شاطئها ذلك الطفل السيشيلي قائلاً : أنت تريد أن تمتلك جزيرة في سيشل؟ أجبته بقصد الدعابة نعم كيف عرفت وكان جوابي عن طريق الدعابة وليس غير. قال هلم بنا أخذك لجزيرتك.. وها هو يأخذني كما كان يحدثنا وجهاً لوجه بقاربه الصغير الى مويين.. وأضع عليها قدمي وتهب علي تلك النسمة التي زارتني في أيامي السابقة، وأنا جندي حالم بالحرية.. استنشقتها وقلت: هذي هي جزيرتي سأتملّكها يوماً ما.. وبالفعل إشتريتها من صاحبها.. وعشت مع صديقي تشارلي الذي شاركني كل هواياتي وحرث الأرض معي وزرعها.. عشت عمراً جميلاً وما زلت أعيشه.. لم أحس يوماً بالوحدة إلا عندما كنت أنام وانا جندي في المعسكرات وحيدا حين يذهب الرفاق في نهاية الأسبوع إلى ذويهم.. أما في جزيرة مويي فأنا محاط بالطبيعة التي تحاكيني وأحاكيها..
وبالسلاحف المائة وخمسة وعشرون سلحفاة أكبرها سناً عمرها يضاهي السبعين عاماً.. وهي مصدر رزقي من الزوّار السائحين الذين يأتون لمشاهدتها ولقائي.. يبلغ من العمر السابعة والثمانين... قوامه مازال منصوباً به من الشموخ والكفاح..ولو أن أعوجاج الكِبَر قد زار ظهره.. كان يمشي الهوينى و لكأنه يحسب خطاه.. لفتت انتباهي أصابعه الطويلة، ضِعف الطول الحقيقي لحجم يده وهي متجمدة أطرافها، وكأنها أطراف مِعوَل استخدمه الدهر لحرث أرض جزيرته مويين، التي غرس فيها كما قال لنا اثنتي عشر ألف نبتة ..حيث انها كانت عبارة عن جزيرة شبه قاحلة من البشر والنبات... هابني كِبرُ أقدامهِ التي تضاعف الحجم الطبيعي للبشر وقد بدت أصابعه منفرجة عن بعضها لشدة ما أستخدمها حافية للتشبث بتراب الأرض الوعرة التي هي منه وهو منها.. اما أصابعه الثلاثة الأخيرة في القدم فقد بدت ملتحمة مع بعضها فكونت جلداً ملتصقاً كأنه جناح وطاويط السيشل.. براندون يبدأ حديثه وهو في غاية اللباقة والذوق الرفيع.. يبدأ حديثه بعدما حييته نيابة عن الرفاق، وطلبت منه الحديث عن نفسه.. كان يقطع الحديث وينتقل من حديث لآخر دون أن اقاطعه، ليسترسل في وصفه وذاكرته الخصبة المليئة بالذكريات.. قال: عندي شجرة مانجو زرعتها السيدة(ماري ) التي كانت تملك الجزيرة قبلي بمائة عام، وها أنا اليوم أجني ثمارها التي سأقطفها الشهر القادم أي فبراير.. وكلما استلذ بثمرها اناجي طيف تلك السيدة قائلاً ليتك تتذوقين ما حرثت..وكلما أثمرت يزورني ما يقارب الألف من وطاويط الفاكهة، التي تنقض عليها وتمتص عصير كل فاكهتها الناضجة.. ..
فأخرج صارخاً محاكياً شغبهما ألتهمي ما تريدين وأهلاً ومرحباً بك ولكن رجوتك دون إزعاج حيث قال إن صوتها وهي تتشاجر مزعج كثيراً.. دفن في جزيرته أباه الذي أتى من انجلترا وعاش معه ما يقارب الخمسة اعوام.. رأينا قبره الطيني المثلثي الشكل، الذي بناه تأهباً لمنيته حيث قال لصاحبه مارفين إن أتيت يوماً لزيارتي ولم تجدني فستجدني مستلقياً في قبري أطلب المنيّة.. وقد بناه بقرب القبرين اللذين بلا اسم كتب عليهما للأسف لا يُعرفان فهما لجثث مجهولة.... لم يتزوج وقد ندم على ذلك، وندم لأنه لم يرزق بالأطفال قال عندما مرض صديقي بالسرطان وهو كان شخصاً بسيطاً يحلم بأن يسافر الى تايلاند، أخذته لذلك المكان لاحقق له حلمه... سهرنا ليلتها نشاهد مباراة لكرة القدم على التلفاز، وغفوت وعندما صحوت رأيته متيقظاً سألته : هل من سوء؟ قال إنني أريد أن أحضر فنجاناً من الشاي وهرولتُ مسرعاً استجيب لندائه واذا به يقف وفجأة يسقط على صدري ميتاً.. كانت هذه أحزن اللحظات فرفيق العمر والدرب قد رحل.. كان يتحدث والدمع يملأ عينيه ... تمنيت لو يغير الحديث فلا أريد الحوار ان ينقلب الى دمع.. قلت له سيدي براندون اسمح لنا اننا حين زرنا جزيرتك فإن السيد مارفين صديقك المرشد السياحي حين عطشنا قد أسقانا من فاكهتك الجوز هندية حيث أنه أرانا كيف يفتحها بالطريقة التقليدية، حيث كان يرطمها على قاعدة مدببة من الخشب الذي غرس في الارض لتلك الحاجة.. شرابها كان كالعسل لم أذقه في أي مكان في الكون.. ضحك وتراجع بجسده على المقعد مسترخياً.. إذا سأضع مارفين في السجن لجريمته الشنعاء.. براندون شخص بشوش وحديثه لا تملّه.. حين سألته آخر اللقاء بماذا تنصحني.. قال كوني أنت وكوني كما تريدين ليس كما يريد الغير، انت سيدة طيبة وتحبين الغير.. سألته ما الذي استطيع أن أهديه لك ضحك خجلاً وبعد جه
Comments 
In Channel
Brandon

Brandon

2020-09-2909:51

This is ’FEZ’..

This is ’FEZ’..

2020-09-2805:12

The Greek Old Man

The Greek Old Man

2020-09-2804:55

براندون

براندون

2020-09-2312:35

Prague Article

Prague Article

2020-09-2307:42

مقالة  -  براغ

مقالة - براغ

2020-09-2208:39

00:00
00:00
x

0.5x

0.8x

1.0x

1.25x

1.5x

2.0x

3.0x

Sleep Timer

Off

End of Episode

5 Minutes

10 Minutes

15 Minutes

30 Minutes

45 Minutes

60 Minutes

120 Minutes

براندون

براندون

khawlafoundation