مقابلة مع الفيزيائي شون كارول – عربي
Description
![]() | ![]() |
أود أن أنوه أن الترجمة شبه حرفية، لذلك لن تكون مصاغة بأسلوب جيد من ناحية اللغة العربية، وفي نفس الوقت فإن لغة الحوار متقدمة، فسيصعب على البعض فهمها، وسيحتاج لقراءة الكتب لتتبع بعض الأفكار، وفي الحقيقة أنني لم أود تبسيط اللغة بهدف ألا أطيل البودكاست أكثر، وكذلك أردت أن أبين أن لغة العلماء والفلاسفة هي أكثر تعقيدا من اللغات المعتادة وعليك أن تلحق بركب المفاهيم الحديثة، وهو تحدي أتمنى أن تقبله، لتبدأ بالقراءة متابعة الحوارات العميقة والمحاضرات المعقدة.
أشكر لميس العبيدي لمشاركتها في ترجمة هذه المقابلة كثير الشكر، الترجمة هو أمر متعب جدا، وقد تطوعت للعمل من غير مقابل.
معنا اليوم شون كارول بروفيسور في الفيزياء النظرية من معهد كاليفورنيا للتقنية. هو متخصص في العديد من المواضيع في الفيزياء، ومنها نظرية المجال والجاذبية وعلم الكونيات والوقت، وهو ومؤلف للعديد من الكتب ومن أحدثهم كتاب (من الأبدية إلى هنا: البحث عن أقصى نظرية عن الوقت) وأفضل الكتب مبيعا (الصورة الأكبر: على أصول معنى الحياة والكون نفسه)، كتابه الأحدث، وهو هذا، يتضمن آرائه الفلسفية على مكاننا في الكون وكيف ينبغي لنا أن نتفهمه.
محمد: رائع أنك معنا شون.
شون: شكرا جزيلا على دعوتي.
محمد: في كتابك (الصورة الأكبر) جمعت أفكارا مستمدة من العلوم والفلسفة، وحاولت أن تجد لكل منها معان، وقدمت فكرة للإيمان بما نصدق به وكيفية التحدث عن هذه المواضيع المختلفة، ومن الجدير بالذكر أنك طرحت فكرة الطبيعانية الشعرية، هل من الممكن أن تخبرنا بشكل موجز عن ذلك؟
شون: بالطبع، أحب أؤكد أنه عندما نتحدث عن الكتاب سيبدو ظاهريا أنه معقد، إنني أضع الكثير من الأفكار معا، ولكن هناك الكثير من الأسئلة التي أتحدث عنها التي لا أعتقد أننا نمتلك لها إجابات نهائية، ما وددت الإشارة إليه أن لدينا أسلوب تفكير عن الإطار الذي تتناسب معه الأسئلة، سواء كنا نتحدث عن فيزياء أو فلسفة أو أحياء أو علم الكونيات، إنه الكون نفسه الذي تشرحه، ويجب أن تكون لنا طرقا منسجمة مع بعضها. لذا الطبيعانية الشعرية تأخذ هذه الصورة في الاعتبار.
الطبيعانية تعني أن هنالك عالم واحد، العالم الطبيعي واحد، يمكننا استكشافه بالنظر إليه. الشعرية تعني أن هنالك طرق متعددة للتحدث عن العالم. وكل هذه الأساليب قد تكون حقيقية في آن واحد. فيمكننا التحدث عن الكراسي والطاولات والهواء في الغرفة أو الأرض التي تحت أقدامنا، ويمكننا – أيضا – التحدث عن الجسيمات والقوى التي تشكل القوانين الأساسية للفيزياء. لمجرد أن إحدى تلك الطرق هي الأكثر شمولا للتحدث عن الكون، فذلك لا يعني أن الطرق الأخرى ليست أساليب حقيقية للحديث.
محمد: هل هذه مشكلة في الطبيعانيون، أي أنهم غير قادرين على هذا النوع من الخطاب… هذه المستويات المختلفة من المفردات؟
شون: لا اعتقد أنها مشكلة. اعتقد أنها أصناف من الطبيعانية. بعض الناس يودون أن يكونوا متطرفين، إن شئت، يقولون إن أعمق وصف للواقع هو الشيء الوحيد الحقيقي. قاصدين وصف ميكانيكي كمي للجسيمات والقوى والمجالات، ويريدون نفي أن الأشياء كالوعي والإرادة الحرة حقيقة، وأتوقع أن هذا يعني نفي حقيقة الكراسي والطاولات أيضا، لا يبدو أن اتخاذ هذا الموقف أمر جيد من وجهة نظري.
ومن جانب آخر، هناك طبيعانيون ممن يريدون إضافة شيء للعالم المادي، يريدون إضافة الأرقام، أو الواقع الأفلاطوني كعالم آخر منفصل، أو أن هنا وعي جوهري للعالم بالإضافة لماديته الواقعية، لا إن اعتقد الطبيعانية الشعرية تحتاج لهذه الأمور كذلك.
محمد: في الطبيعانية، هنالك عدة مدارس مختلفة تتحدث عن الطبيعة بلغاتها الخاصة، ففي الكيمياء هنالك لغة، وفي البيولوجيا لدينا لغة أخرى، فما المختلف في الطبيعانية الشعرية، ما الذي أضفته لهذه الصورة؟
شون: إنه الاعتراف أن كلها حقيقية في نفس الوقت، أعتقد أن معظم الناس ستتفق إن الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات حقيقية، وهي الجسميات التي تكون الذرة التي نتكون منها جميعا، وهم أيضا يتفقون أن طاولات والكراسي والهواء أيضا حقيقية، وهي أشياء حقيقية في نفس الوقت، تستطيع أن تصف العالم باستخدام إحدى أنواع المفردات أو مفردات أخرى، وذلك شيء مقبول.
كونك طبيعاني شعري ستقول أنه لا يوجد شيء متناقض في ذلك، وهذا يساعدك على فهم الأسئلة الأكثر تعقيدا، مثل حرية الإرادة، تستطيع أن تتخيل ما يقوله الناس، وفعلا الناس تقول: “إن كانت قوانين الفيزياء تحدد ما ستفعله، إذن ليس هناك إرادة حرة،” أعتقد أن هذا الشيء ليس صحيحا بالضرورة، إن كانت أفضل طريقة للتحدث عن البشر – وهم يعيشون حياتهم الطبيعية – هي التي تستخدم فكرة حرية الاختيار فيم يفعلونه، فكلا طريقتي الحديث تتفقان تماما مع بعضهما في نفس الوقت.
أعتقد من الخطأ أن نمنح الواقع الظواهر المنبثقة مثل الكراسي والطاولات، ولا نمنحها للظواهر المنبثقة مثل حرية الاختيار والوعي.
محمد: يبدو أن ذلك معقولا، لنمسك ببعض الأفكار التي كانت لديك في الكتاب، هناك أفكار كثيرة، مثل التفكير البيزي، والسبب والمسبب، وسهم الوقت، والنظرية الجوهرية (والتي أحببتها كثيرا)، ونظرية الحقل الكمومي، والظواهر المنبثقة، وهو الشيء الذي لمحت إليه قبل قليل، لنتوجه للتفكير البيزي، لقد ذكرت في كتابك إن هذه هي إحدى أساليب التفكير أو الإيمان بأشياء معينة في الحياة، هل من الممكن أن تشرح ذلك؟
شون: حسنا، القسيس توماس بيز – كان قسا شيخيا قبل مئات السنين، لم يكن مفكرا رائدا في وقته، ولكنه كتب أطروحتين في الرياضيات، وفي احدهما أثبت مبرهنة، وقد عُلق عليها بيير سيمون لابلاس وغيره لاحقا، إنها نظرية بسيطة، وهي مبرهنة من الناحية الرياضية، ليس هناك شك ما إذا كانت صحيحة أو غير صحيحة، إنها مبرهنة، والمبرهنات صحيحة إن قبلت بديهياتها، وهي تقول: إن كانت لديك بعض الريبة، وإن كانت هناك عدة أشياء قد تكون صحيحة، ولكنك لا تعرف أي منها صحيح، سوف تضع لكل منها مصداقية بدرجات مختلفة، أو احتمالية صحة شيء، فمثلا، سأرمي بعملة، وستسقط على الوجه أو الكتابة، أنا لا أعرف إي وجه ستسقط عليه بعد، وكذلك أعرف أنه سيكون 50% صورة و50% كتابة، وما يقدمه لك بيز هو طريقة لتعديل هذه الاحتمالات بعدما تكتشف معلومات جديدة.
فإذا كنت تتساءل من سيفوز بالانتخابات الرئاسية، ثم تتعلم شيئا جديدا عن فضيحة أشيعت، هذا قد يجعلك تعدل الاحتمالات التي تقدمها – في أي جهة كانت، إذن هي طريقة عامة جدا جدا – آلية هائلة – لإضافة المعلومات الجديدة عما نعتقده عن العالم، ومن الناحية المثالية، فكلما حصلنا ما على معلومات أكثر فأكثر، فإن معتقداتنا ستقترب من الاتفاق مع بعضنا، وكذلك الاتفاق مع الحقيقة.
محمد: لماذا تعتقد أنها طريقة عملية للإيمان؟ ما أعرفه عن التفكير البيزي أنه جدلي، فهناك طريقة أخرى للتفكير في الأشياء أو لتصحيح الإيمان.
شون: مرة أخرى، أعتقد أن المبرهنة ليست في محل جدل، المبرهنات هي مبرهنات، هناك جدل عن… هناك عدة جدليات، هناك جدلا عن طبيعة الاحتمالات، هناك بيزيون يعتقدون أنه في كل مرة تستخدم فيها كلمة احتمال، أنت تستخدم نوع من أنواع الإيمانيات البيزية، لديك شيئا من الجهل، لا تعلم ما سيحدث لاحقا، وبهذا تكون بيزي، هناك أناس أخرين يطلق عليهم التكراريون، يعتقدون أن المنطق السليم الوحيد لكلمة الاحتمال هو أن تتخيل تكرار الشيء عدد لا نهائي من المرات، وترى الجزء الذي يتوجه في وجهة بدلا من أخرى، فلو قلبت القطعة النقدية عدد لا نهائي من المرات، نصف السقطات ستكون صورة والنصف الآخر كتابة. هذا الأسلوب لا يعمل بطريقة جيدة إن كنت تتحدث عمن سيربح كرة القدم الأمريكية، أو من سيفوز بالانتخابات، هذه الأشياء تحدث مرة واحدة، إنها لا تحدث مليون أو عدد لا نهائي من المرات، العديد من الناس اليوم يعتقدون أن المنهج البيزي في الاحتمالات هو أكثر مرونة وأكثر قوة.
محمد: عظيم، أظن أننا نوعا ما نستخدم هذه الفكرة في حياتنا اليومية بشكل ضمني، ولكننا لا ندرك أنها بيزية، لنتوجه للسبب والمسبب، وهو مثير بالنسبة لي لأنك تذكر أنه لا يوجد شيء اسمه سبب ومسبب،















