حين اختار صناع المسلسل الرمضاني المعروض العام الماضي اسم (لام شمسية) له، كانت دلالة واضحة للعيان عن ظاهرة موجودة لكنها في نفس الوقت خفية عن الأعين غير المدققة. موضوع التحرش بالأطفال، كان دايما هناك، لكن الكل بيفضل أن يخفيه تحت أطنان من السجاجيد مش سجادة واحدة. 

موضوع شائك المجتمعات المحافظة اللي زينا ما بتعرفش تتعامل معاه بسهولة، فبتفضل في النهاية إنها تعامل كل حالة أو جريمة على إنها حالة استثنائية منفردة ما بتتكررش، مع تصدير خطابات زي: اطمنوا يا آباء، الدنيا بخير يا أمهات. كل شيء تحت السيطرة.

لكن الأمور مؤخرا بدأت تتكرر بشكل مقلق، خاصة مع وقوع الحوادث الأخيرة في طبقات كان المنتمين ليها فاكرين إنهم قادرين يوفروا حماية ليهم ولأسرهم عن طريق الفلوس والنفوذ. فأصبح البيت محاط بسور الكومباوند، والمدرسة الإنترناشونال مليانة بكاميرات المراقبة، والنادي يفترض إن اشتراكه العالي يفلتر الناس اللي داخلين وبكده هم وأولادهم يبقوا في أمان.

لكن اللي حصل إن فيه حادثة بعد حادثة وبعدها حادثة كمان، حصل فيها تحرشات بشكل متكرر وعلى مدار سنوات في مدارس دولية. نفس المدارس اللي بتعمل مقابلات دقيقة للآباء اللي بيقدموا لأولادهم فيها وللأطفال نفسهم عشان ينولوا شرف الانتماء للمدرسة. لكن أصبح من الواضح الآن إن كل ده لمجرد الفشخرة، وإلا كان اتعمل المثل لاختيار العاملين بالمدرسة، وهو ما أصبح واضح إنه ما اتعملش، إذ إن المتحرشين في الحوادث الأخيرة، عمال أمن، وعمال نظافة، وسواقين أتوبيس المدرسة. وكل دول اتعينوا بدون تدقيق، وتركوا في أماكنهم بدون رقابة وإلا كان حد انتبه للي بيحصل على مدار سنوات باشتراكهم في جرم عظيم زي ده.

الحزين في الأمر، إن المتابعين من الجماهير العريضة، كالعادة سابوا المجرمين ومسكوا في الضحايا، ولأنه مش متاح إنهم يتهموا أطفال في عمر الحضانة، بإن لبسهم أو تصرفاتهم هي اللي أدت للي حصل لهم،، فما كان منهم إلا إنهم بدأوا يوجهوا اللوم لأمهات الضحايا.

من أول السؤال عن إزاي أم ما تحسش بإن ده بيحصل لولادها، وكأن كل أم عندها بلورة سحرية، تراقب عن طريقها أولادها اللي المفروض مسلماهم لمؤسسة تعليمية محترمة. ثم السؤال عن إزاي ما علموش أولادهم وبناتهم عن خصوصية جسمهم. وكأن الستات الكبار اللي عارفين كل ده بيقدروا يحموا نفسهم من التحرش عشان نتخيل إن الأطفال بمجرد تعليمهم الحاجات دي هتنتهي المشكلة. ثم الاتهام بالتقصير عشان الأمهات دي ما بنوش علاقات قوية بولادهم تخليهم يصارحوهم، دون النظر لتفاصيل زي إن الجناة كانوا بيحطوا سكاكين على رقبة الأولاد ويهددوهم إنهم هينهوا حياتهم وحيوات أهاليهم لو بس فكروا يتكلموا.

المسئولية اللي المفروض مسئولية المدرسة اللي ما بتراقبش عمالها، ومسئولية الوزارة اللي ما بتراقبش مدارسها، ومسئولية المجتمع اللي كل مرة بيقرر إن دي حالة فردية ومش مستاهلة فزع، المجتمع مصمم يرميها على أطفال وأمهاتهم. وحقيقي مش لاقية تعبير أفضل من اللام الشمسية عشان يوصف حالة العمى الاختياري ده.