الحياة في الكون (1): مع د. سليم زاروبي حول كتابه عوالم لا حصر لها
Update: 2025-10-03
Description
في حلقة أخرى من بودكاست العلوم الحقيقية نحاور البروفيسور سليم زاروبي، وهو فيزيائي فلك فلسطيني متخصص في اللحظات الأولى وفي الحقبة الأولى من نشأة الكون. وفي هذا اللقاء، نتكلم عن كتابه الذي ناقش فيه نشوء الحياة؛ ظاهرة نشوء الحياة في الكون وفي الكواكب الأخرى. مرحباً بكم معنا دكتور سليم، وأترك لكم إضافة المزيد حول هذا الكتاب وحول من يرغب القراءة به قبل أن ندخل بمناقشة الكتاب.
شكراً أخي عمر، شكراً. ويسعدني أن أكون معك كمان مرة؛ هذه المرة الثانية التي نلتقي بها. الكتاب—إذا تذكر—في الكتاب الأول الذي كتبته "البدء فيزياء وفلسفة، وتاريخ علم الكون"، أنهيت الكتاب الأول في الخاتمة وتحدثت عن إمكانيات الحياة في الكون بشكل سريع وبلَمحات. هذا موضوع يشغل الكثير من الناس. وعندما أتحدث عن فيزياء الفلك للجمهور العام، عادة أتحدث عن علم الكون بشكل عام، ولكن أيضاً أتحدث في بعض الأحيان عن إمكانيات الحياة في الكون، وأرى الدهشة والافتتان بهذا الموضوع في وجوه الناس. فكان عندي تخطيط منذ فترة أن أكتب عنه، كما كان واضحاً أنه بدأت أكتب كتاباً، ولكن في سنة 2022 كنت أنا كما تعلم كنت أعمل على الأقل جزئياً في جامعة خرونينغين في هولندا، وكنت أُدرِّس دورة معينة؛ دورة علم الكون. وفي هذه الفترة، كان يخطر ببالي سؤال حين ابتدأت الكتاب عملياً. السؤال كان: إذا كان هناك حضارات متطورة في الكون، حضارات متطورة بمفهومنا – حضارات غريبة تبني علماً، وتملك مجتمعات منظمة، وتستطيع أن تجوب الفضاء وتستكشفه، وإلى آخره؛ حضارات صاحبة تقنيات متطورة وتكنولوجيا متطورة. فتساءلت في حينه: إذا كان في حضارات من هذا النوع، هل هناك تشابه بيننا وبينها؟ ما هي أوجه التشابه؟ وما هي أوجه الخلاف؟ هل نستطيع أن نقول أن هناك تشابهاً معيناً أم لا؟. وابتدأت أقرأ عن الموضوع حتى أجيب نفسي عن هذا التساؤل.
رابط شراء كتاب عوالم لا حصر لها من موقع نيل وفرات
سياق الكتاب والتداخل مع واقع غزة والوحشية والقسوة الواقعة على أهلها
وابتدأت في الكتاب، ولاحظت أنه من الممكن أن أكتب مقالاً كبيراً عن الموضوع، فابتدأت في الكتابة. وهذا في كتابي الحالي، والفصل تقريباً قبل الأخير—الفصل قبل الأخير هو الفصل الذي كُتب. وأدركت في حينها أنه يمكن كتابة كتاب عن الموضوع، بالإضافة إلى المواضيع الأخرى المرتبطة بقضية إمكانيات وجود الحياة من الناحية الفلكية ومن الناحية الفيزيائية وإلى آخره. فقررت كتابة كتاب وأجلته بعد الفصل الأول الذي كتبته في البداية، أجلته لسنة 2023، سبتمبر 2023، وصار شهر أيلول لأن كان لدي سنة "سباتيكال" كما تذكر، حصلت على جائزة هومبولت. فحينها كان يجب أن أقضي جزءاً من وقتي في ألمانيا. ولكن بعد فترة صغيرة من بداية الكتاب الذي قررت أن أكتب عنه ("الحياة، أنواعها، السياق الكوني للحياة"—هذه المحاور سنتحاور بها في الحوار)، بدأت مأساة غزة. مأساة غزة شلتني كما شلت كل فلسطيني نفسياً بحجمها ووحشيتها وقسوتها وإلى آخره، فتعطلت عن الكتابة فترة طويلة.
ولكن بعد أشهر، وحتى أهرب من هذه المناظر البشعة التي ما زالت حتى الآن للأسف نراها بشكل يومي، أقنعت نفسي بشيئين. أول شيء أني بحاجة إلى الهرب، والكتابة مَهرب حتى أحافظ على تفكيري وعلى عقلي. والشيء الآخر الذي أقنعت نفسي به، أني كعالم فلسطيني، مساهمتي هي في نضال مجتمعي، وفي مساهمتي الفكرية؛ لأن معركتنا مع الوحش الصهيوني ليست معركة وجود وأرض فقط، وإنما هي معركة تاريخ وحضارة وفكر ومساهمة. فهذان الشيئان جعلاني أُكمل كتابي.
الكتاب—مع أنه كتاب علمي، وهذا أذكره في التمهيد والمقدمة الصغيرة الأولى—يتناول موضوعاً علمياً بحتاً. أنا أتعامل مع الحياة كظاهرة طبيعية، ولا أتعامل معها بشكل آخر كعالم. ولكن، الكتاب مجبول بغزة. كل كلمة كتبت في الكتاب كانت غزة في وجداني وفي خيالي. فهذه هي ظروف كتابة الكتاب.
في الكتاب، أتناول عدة محاور. المحور الأول هو السياق الكوني للحياة؛ فالحياة لها سياق كوني، وبدون الكون لا يمكن أن نتحدث عن حياة على الأرض. وفي مراحل مختلفة وجوانب مختلفة من هذا الحديث، أتحدث في الكتاب عن فيزياء الحياة (طبعاً المجموعة الشمسية وتحدثت عن الأرض بشكل عيني)، وكيف نتعامل مع علاقة الفيزياء بظاهرة الحياة. أتحدث عن كيمياء الحياة (لماذا كيمياء الحياة هي كيمياء خاصة، وما الذي يميزها وإلى آخره)، وعن بيولوجيا الحياة ونظرية داروين وما أتى منها. وبالآخر، أتساءل عن التساؤل الذي بدأت فيه: إذا كان هناك حياة متقدمة في الكون، هل هي شبيهة بنا أم لا؟.
ينهي الكتاب بفكرة تعبر كل فصوله، وهي أننا على الأرض كائنات جانبية. كوكب الأرض هو مكان جانبي في الكون، مكان غير مُهم. نحن ندور حول نجم غير مُهم في مجرة غير مُهمة. ومثل الكرة الأرضية، هناك مليارات، عشرات المليارات، إن لم يكن آلاف المليارات من الكواكب ال...
شكراً أخي عمر، شكراً. ويسعدني أن أكون معك كمان مرة؛ هذه المرة الثانية التي نلتقي بها. الكتاب—إذا تذكر—في الكتاب الأول الذي كتبته "البدء فيزياء وفلسفة، وتاريخ علم الكون"، أنهيت الكتاب الأول في الخاتمة وتحدثت عن إمكانيات الحياة في الكون بشكل سريع وبلَمحات. هذا موضوع يشغل الكثير من الناس. وعندما أتحدث عن فيزياء الفلك للجمهور العام، عادة أتحدث عن علم الكون بشكل عام، ولكن أيضاً أتحدث في بعض الأحيان عن إمكانيات الحياة في الكون، وأرى الدهشة والافتتان بهذا الموضوع في وجوه الناس. فكان عندي تخطيط منذ فترة أن أكتب عنه، كما كان واضحاً أنه بدأت أكتب كتاباً، ولكن في سنة 2022 كنت أنا كما تعلم كنت أعمل على الأقل جزئياً في جامعة خرونينغين في هولندا، وكنت أُدرِّس دورة معينة؛ دورة علم الكون. وفي هذه الفترة، كان يخطر ببالي سؤال حين ابتدأت الكتاب عملياً. السؤال كان: إذا كان هناك حضارات متطورة في الكون، حضارات متطورة بمفهومنا – حضارات غريبة تبني علماً، وتملك مجتمعات منظمة، وتستطيع أن تجوب الفضاء وتستكشفه، وإلى آخره؛ حضارات صاحبة تقنيات متطورة وتكنولوجيا متطورة. فتساءلت في حينه: إذا كان في حضارات من هذا النوع، هل هناك تشابه بيننا وبينها؟ ما هي أوجه التشابه؟ وما هي أوجه الخلاف؟ هل نستطيع أن نقول أن هناك تشابهاً معيناً أم لا؟. وابتدأت أقرأ عن الموضوع حتى أجيب نفسي عن هذا التساؤل.
رابط شراء كتاب عوالم لا حصر لها من موقع نيل وفرات
سياق الكتاب والتداخل مع واقع غزة والوحشية والقسوة الواقعة على أهلها
وابتدأت في الكتاب، ولاحظت أنه من الممكن أن أكتب مقالاً كبيراً عن الموضوع، فابتدأت في الكتابة. وهذا في كتابي الحالي، والفصل تقريباً قبل الأخير—الفصل قبل الأخير هو الفصل الذي كُتب. وأدركت في حينها أنه يمكن كتابة كتاب عن الموضوع، بالإضافة إلى المواضيع الأخرى المرتبطة بقضية إمكانيات وجود الحياة من الناحية الفلكية ومن الناحية الفيزيائية وإلى آخره. فقررت كتابة كتاب وأجلته بعد الفصل الأول الذي كتبته في البداية، أجلته لسنة 2023، سبتمبر 2023، وصار شهر أيلول لأن كان لدي سنة "سباتيكال" كما تذكر، حصلت على جائزة هومبولت. فحينها كان يجب أن أقضي جزءاً من وقتي في ألمانيا. ولكن بعد فترة صغيرة من بداية الكتاب الذي قررت أن أكتب عنه ("الحياة، أنواعها، السياق الكوني للحياة"—هذه المحاور سنتحاور بها في الحوار)، بدأت مأساة غزة. مأساة غزة شلتني كما شلت كل فلسطيني نفسياً بحجمها ووحشيتها وقسوتها وإلى آخره، فتعطلت عن الكتابة فترة طويلة.
ولكن بعد أشهر، وحتى أهرب من هذه المناظر البشعة التي ما زالت حتى الآن للأسف نراها بشكل يومي، أقنعت نفسي بشيئين. أول شيء أني بحاجة إلى الهرب، والكتابة مَهرب حتى أحافظ على تفكيري وعلى عقلي. والشيء الآخر الذي أقنعت نفسي به، أني كعالم فلسطيني، مساهمتي هي في نضال مجتمعي، وفي مساهمتي الفكرية؛ لأن معركتنا مع الوحش الصهيوني ليست معركة وجود وأرض فقط، وإنما هي معركة تاريخ وحضارة وفكر ومساهمة. فهذان الشيئان جعلاني أُكمل كتابي.
الكتاب—مع أنه كتاب علمي، وهذا أذكره في التمهيد والمقدمة الصغيرة الأولى—يتناول موضوعاً علمياً بحتاً. أنا أتعامل مع الحياة كظاهرة طبيعية، ولا أتعامل معها بشكل آخر كعالم. ولكن، الكتاب مجبول بغزة. كل كلمة كتبت في الكتاب كانت غزة في وجداني وفي خيالي. فهذه هي ظروف كتابة الكتاب.
في الكتاب، أتناول عدة محاور. المحور الأول هو السياق الكوني للحياة؛ فالحياة لها سياق كوني، وبدون الكون لا يمكن أن نتحدث عن حياة على الأرض. وفي مراحل مختلفة وجوانب مختلفة من هذا الحديث، أتحدث في الكتاب عن فيزياء الحياة (طبعاً المجموعة الشمسية وتحدثت عن الأرض بشكل عيني)، وكيف نتعامل مع علاقة الفيزياء بظاهرة الحياة. أتحدث عن كيمياء الحياة (لماذا كيمياء الحياة هي كيمياء خاصة، وما الذي يميزها وإلى آخره)، وعن بيولوجيا الحياة ونظرية داروين وما أتى منها. وبالآخر، أتساءل عن التساؤل الذي بدأت فيه: إذا كان هناك حياة متقدمة في الكون، هل هي شبيهة بنا أم لا؟.
ينهي الكتاب بفكرة تعبر كل فصوله، وهي أننا على الأرض كائنات جانبية. كوكب الأرض هو مكان جانبي في الكون، مكان غير مُهم. نحن ندور حول نجم غير مُهم في مجرة غير مُهمة. ومثل الكرة الأرضية، هناك مليارات، عشرات المليارات، إن لم يكن آلاف المليارات من الكواكب ال...
Comments
In Channel