Discoverالعلوم الحقيقية - Real Sciencesالمساواة التكاثرية (2): أثرها على الأمراض النفسية وأثر ظهور الدولة والنزعة الذكورية التسلطية عليها
المساواة التكاثرية (2): أثرها على الأمراض النفسية وأثر ظهور الدولة والنزعة الذكورية التسلطية عليها

المساواة التكاثرية (2): أثرها على الأمراض النفسية وأثر ظهور الدولة والنزعة الذكورية التسلطية عليها

Update: 2025-10-27
Share

Description

كيف أثر ظهور الدول على صفات البشر وعلى تغير أمر مثل المساواة التكاثرية؟ وكيف أثرت القدرة على تخزين المواد على نشوء الدول؟ ثم كيف ظهرت النزعة الذكورية التسلطية بأشكال متطرفة جداً بعد الزراعة؟ والسؤال الأهم الذي يناقشه الدكتور رياض عبد في بحثه حول المساواة التكاثرية: كيف تؤثر المساواة التكاثرية على ظهور الأمراض النفسية لدى المجاميع البشرية؟

لمشاهدة اللقاء على اليوتيوب:


عمر: في كتاب أقرأه حالياً بعنوان "لعنة جالوت" (Goliath’s Curse) يتحدث عن أن 5% فقط من البشر عاشوا ضمن دول، وحتى في فترات حديثة عاش البشر بدون دول. كما أن الكتاب يذكر أهمية فائض الإنتاج والموارد القابلة للتخزين في تطور المجتمعات، مشيراً إلى أن بعض المنتجات مثل الموز كانت غير قابلة للتخزين حتى في بعض الإمبراطوريات. سؤالي هو: كمحصلة، هل أصبح تعدد الزوجات أقل أم أكثر بعد الزراعة؟

د. رياض: مرت البشرية بفترات مختلفة. كانت هناك حقبة ما بعد الزراعة لكن قبل الدولة، حيث ظهرت إمكانية هيمنة بعض الرجال على موارد كبيرة وأصبح بإمكانهم احتكار عدد كبير من النساء، وهو ما لم يكن ممكناً قبل الزراعة. ثم بعد نشوء الدولة، حصلت مرحلة أخرى من ظهور رجال استطاعوا الهيمنة على موارد ضخمة.

شكراً على إثارة موضوع التخزين، لأنه من خصائص مجتمعات ما قبل الزراعة أنها لم تكن تمتلك أنظمة تخزين. ما كانوا يجمعونه اليوم كانوا يستهلكونه خلال يوم أو يومين. إذا تم اصطياد فريسة كبيرة، كانت تؤكل خلال أيام قليلة. من هنا تظهر القيمة التطورية للكرم، حيث كان أهم طريقة للاستفادة من فائض اللحم هو إطعام الآخرين، لأن "بطون الآخرين" كانت بمثابة بنك للتوفير، حيث سيطعمونك عندما لا يكون لديك موارد من اللحم. إذا لم يفعلوا ذلك، فإن اللحم سيتلف دون فائدة.

بعد ظهور الزراعة ونشوء الدولة، حصلت فترات كان فيها تمادي في الهيمنة على الموارد واحتكار النساء. لكن يبدو أن هذه كانت مراحل مؤقتة، وعاد النظام البشري إلى طبيعته، وهي أن الغالبية العظمى من الرجال والنساء موجودون في علاقات أحادية – وليس بالضرورة أن تكون مدى الحياة – لكنها علاقات أحادية في أي وقت من الأوقات. إذا أجرينا مسحاً لأي مجتمع، نجد أن حوالي 80% من الأفراد في علاقات أحادية. هذا يعني أن التباين التكاثري، رغم اختلافه في بعض الحقب، بقي أقل منه عند الشمبانزي أو الغوريلا، حتى مع وجود تلك الظواهر الاستثنائية.

عمر: نقطة أخرى قد لا تكون غطيتها بشكل كاف، وهي العلاقة بين المساواة التكاثرية والمساواة المجتمعية. إذا كان هناك ناشط لحقوق الرجل أو المرأة عند الشمبانزي، فكيف سيرون واقعهم بالمقارنة مع البشر؟

د. رياض: هناك موضوعان هنا: موضوع الخصائص الجوهرية للنظام التكاثري البشري، وموضوع الوضع المجتمعي بعد الزراعة وبعد الدولة. الخصائص الجوهرية للنظام التكاثري البشري تتسم بمساواة عالية، وتعتمد على وجود رابط بين المرأة والرجل، حيث يستثمر الرجل وقته وإمكانياته في إعالة المرأة المرتبطة به وأطفالها.

هذا يعني أنه يهتم بمعرفة "أبوة" أطفاله، أي في التأكد بأنهم من نسله. هذا المفهوم – الاهتمام بالنسب – غير موجود في الأصناف التي لا يوجد فيها رابط ثابت بين الذكر والأنثى. على سبيل المثال، ذكر الشمبانزي قد يشاهد الأنثى التي تزاوج معها قبل ساعة تتزاوج مع ذكر آخر، وهو لا يمانع ذلك. المسألة ليست أنه يتوقع أن يحتكر التزاوج مع أي أنثى، بل هو فقط يحاول أن يحتكر فترة زمنية من فرص التزاوج، أو أن يكون الأول في التزاوج. لكن ليس له أي رابط أو مسؤولية تجاه الوليد، فهو لا علاقة له به.

هذا ليس الحال عند البشر. عندما يكون هناك رابط بين رجل وامرأة – والزواج هو ظاهرة بشرية عامة في كافة المجتمعات، رغم اختلاف أشكاله – فإن هذا يولد عاطفة "الغيرة الجنسية". الغيرة الجنسية هي عاطفة بشرية هدفها الأساسي التأكد من أن الطفل من نسل الرجل. يمكن أن تكون الغيرة من الطرفين، لكن هدفها مختلف. هدف غيرة الرجل الجنسية هو التأكد من أن الأطفال من نسله. بينما هدف غيرة المرأة هو ضمان أن جهود وإمكانيات الرجل تتركز في مصلحتها ومصلحة أطفالها، وليس لمصلحة امرأة أخرى. في بعض المجتمعات التي يقبل فيها تعدد الزوجات، قد ترضى المرأة بالأمر الواقع أو تنفصل.

بعد نشوء الزراعة والدولة، ومع إمكانية هيمنة بعض الرجال على موارد ضخمة، ظهرت "ذكورية مفرطة" وتسلط ذكوري. هذه الذكورية المتطرفة – مثل فرض قيود على حريات المرأة – هي ظاهرة ما بعد الزراعة وليست سابقة لها. هذه الممارسات تسلطية تدعمها سلطة الدولة والقانون. قبل الزراعة، لم تكن مثل هذه الهيمنة المفرطة ممكنة. عندما أتحدث عن الزراعة، فأنا أقصد أيضاً تربية الحيوانات، فبدو الرعي هم أيضاً من مجتمعات ما بعد الزراعة لأن حياتهم تعتمد على تربية المواشي، أي تسخير كائن آخر لتوفير ال...
Comments 
loading
In Channel
loading
00:00
00:00
1.0x

0.5x

0.8x

1.0x

1.25x

1.5x

2.0x

3.0x

Sleep Timer

Off

End of Episode

5 Minutes

10 Minutes

15 Minutes

30 Minutes

45 Minutes

60 Minutes

120 Minutes

المساواة التكاثرية (2): أثرها على الأمراض النفسية وأثر ظهور الدولة والنزعة الذكورية التسلطية عليها

المساواة التكاثرية (2): أثرها على الأمراض النفسية وأثر ظهور الدولة والنزعة الذكورية التسلطية عليها

العلوم الحقيقية