المرصد ٢٦٨: داعية جهادي: القاعدة نعت نفسها وأعلنت موتها
Description
القاعدة و ”تأبين“ السنوار
في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٤، نشرت القيادة العامة لتنظيم القاعدة بيان نعي يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ومهندس طوفان الأقصى. البيان، بعنوان ”الآن الآن جاء القتال،“ وصف السنوار بعبارات التبجيل من قبيل ”القائد المغوار،“ و ”فقيد الأمة.“ وكما في بيانات سابقة لقيادة التنظيم وفروعه، تحاول القاعدة الاستثمار في حرب غزة التي انطلقت في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣؛ وكأن ”طوفان الأقصى“ مستلهم من تاريخ التنظيم. فيعتبر البيان السنوار امتداداً لمقاتلي القاعدة؛ معركة ”طوفان الأقصى“ هذه هي ”الثانية“؛ أما الأولى فكانت في ١١ سبتمبر ٢٠٠١ بقيادة محمد عطا.
داعية جهادي: القاعدة أعلنت موتها
هل يضيف هذا البيان إلى ما بتنا نعرفه عن اتساع الفجوة بين تنظيم القاعدة ومنظريها حول حماس باعتبار علاقة الحركة الحميمة مع إيران، وباعتبار سلوك حماس في قطاع غزة من حيث ”تطبيق الشريعة؟“ على الأرجح لا؛ فإطالة أمد الحرب لم تدع مجالاً أمام قيادة التنظيم وفروعه للهروب نحو التخريج ”الفقهي“ بالتمييز بين حماس السياسية وحماس كتائب القسام؛ حماس اسماعيل هنية وخالد مشعل، وحماس محمد الضيف ويحيى السنوار. فكل واحد. لكن، بعد أن تحسم القاعدة مصير زعيمها الغائب أيمن الظواهري؛ وبعد أن تنتهي حرب غزة، هل سيعود أنصار القاعدة إلى تلك البيانات بالتمحيص والسؤال؟ وماذا ستكون نتيجة ذلك؟ في موجة بيانات القاعدة التي أبّنت السنوار، لفت منشور للداعية طارق عبدالحليم على إكس والتلغرام. عبدالحليم لم ينتمِ يوماً للقاعدة؛ لكنه يكن احتراماً لأسامة بن لادن والظواهري؛ وكان له موقف مؤيد للقاعدة في خلافها مع هيئة تحرير الشام. يقول عبدالحليم إنه اليوم يصرّح لأول مرة بأن القاعدة ”ضاعت … وانهارت حركياً، وأيديولوجياً.“ بعد ”المؤسسيَن الحقيقيين“. ويردف أن القاعدة ”نعت نفسها بنفسها أيديولوجيا، وأعلنت موتها كحركة إسلامية سنية خالصة، ولحقت بركب الإخوان، وطالبان الجديدة!“
تحرير الرقة ”للحياة نغني Stranên Jiyanê“
في مثل هذه الأيام من العام ٢٠١٧، تحررت مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش بعد حكم دام حوالي أربعة أعوام. في ١٧ أكتوبر ٢٠١٧، أعلنت قوات سورية الديمقراطية، التي تضم مقاتلين عرباً وكرداً، دحر التنظيم في المدينة جنوب شرق سوريا. تحرير الرقة كان مهماً من ناحية معنوية؛ فكانت أول مدينة كبرى يحتلها التنظيم في يناير ٢٠١٤، حيث أصبحت منطلقاً للاستيلاء على مساحات واسعة من سوريا شمالاً بالسيطرة على معابر حدودية مهمة مثل تل أبيض وصولاً إلى حلب غرباً؛ ومن العراق شرقاً وصولاً إلى الموصل التي احتلها التنظيم في يونيو ذلك العام.
التحرير كان مهماً استراتيجياً أيضاً. فجاء بعد ثلاثة أشهر من تحرير الموصل في يوليو ٢٠١٧ وبذلك دُفع التنظيم جنوباً حتى حوصر في الباغوز على الحدود السورية العراقية. ومن هناك بدأت معركة طويلة لدحر التنظيم انتهت في مارس ٢٠١٩.
والحقيقة أن تحرير الرقة يذكرنا بأمرين. الأول، هو أن داعش سيطر على المدينة في يناير ٢٠١٤ بمزيج من الخيانة والخديعة؛ وهو مرض فتك ”بالثورة السورية“ في بداياتها. فالجميع يذكر أن المعارضة السورية ممثلة بالجيش الحر وناشطين مدنيين من أبناء الرقة هم من طردوا القوات الحكومية السورية من المدينة لتكون أول محافظة في سوريا تحكمها المعارضة حكماً كاملاً. ما حدث لاحقاً هو أن تسلل داعش إلى المدينة من خلال فصائل زعمت مساندة الشعب السوري لتبدأ اغتيالات ممنهجة ضد قوى المعارضة انتهت بالسيطرة على المدينة. وقد وثقنا تلك الأيام في فيلم ”سقوط الرقة“ على وثائقيات الآن.
الأمر الآخر الذي نستحضره هنا هو كيف مارس داعش حكمه المزعوم. فالتنظيم الذي يدعي العدالة هو في حقيقة الأمر طبقي فئوي. ولا أدل على ذلك مما حدث في الباغوز. حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي يستعيد في شهر أكتوبر كيف أن التنظيم عقد صفقات سرية مع القوات الكردية من أجل تأمين خروج أفراده المتنفذين. المعضلة هنا هي أن التنظيم ما انفك يعتبر الأكراد ”كفرة ملحدين“ لا يجوز التعامل معهم في أي شكل من الأشكال. ولهذا كان التنظيم يحظر على أنصاره ”ورعاياه“ النجاة بأنفسهم إلى مناطق شمال وغرب سوريا على أساس أن تلك أراض يحكمها ”كفار.“
ينشر الحساب ”وثيقة سرية للغاية“ من يونيو ٢٠١٨ تؤكد أن من تولى تنسيق المفاوضات مع الأكراد كان ”والي البركة“ أبو عبدالله المهاجر منتدباً من اللجنة المفوضة، قمة هرم الحكم في التنظيم. يعلق الحساب أن الوثيقة تبين ”حجم المساومات والتنازلات التي كان تنظيم الدولة مستعد لتقديمها في الخفاء للأكراد، بما فيها الالتزام بعدم التعامل مع الأتراك …والتعاون معهم (الأكراد) ضد عدو مشترك (الأتراك). .“ يزيد الحساب أن التنظيم في نهاية الأمر ”هرّب أمراء الصف الأول وعوائلهم لبر الأمان في مناطق الهتشاوية وتحولت قصة الباغوز لأشنع قصة خذلان في تاريخ الجماعات الجهادية.“ في الأثناء، كان إعلام التنظيم وأمراؤه يتغنون بعبارات مثل ”لا مفاوضات- لا هدنة أو موادعة عسكرية- لا حوار بل جهاد واجتهاد ولا مجال لأنصاف الحلول.“
هل يبتعد الأسد عن إيران؟
مع تكثيف الضربات الإسرائيلية ضد حزب الله منذ سبتمبر الماضي، أظهرت دمشق مواقف رآها البعض فاترة تجاه إيران؛ ومقدمة لابتعاد الأسد عن رأس الحكم في طهران، فهل هذا ابتعاد ”حقيقي أم مناورة؟“ هذا سؤال بحثه رئيس تحرير المجلة، الصحفي السوري إبراهيم حميدي، في مقال بتاريخ ٢١ أكتوبر. يقول حميدي إن النظام السوري كان مستعداً للخروج من تحت عباءة إيران في العام ٢٠١١، بعد عرض اتفاق سلام مع إسرائيل مقابل استعادة الجولان المحتل كاملاً؛ إلا أن الحراك الشعبي ذلك العام عطّل تلك الخطط؛ بل سوّغ لإيران التدخل العسكري والاقتصادي ”لإنقاذ النظام.“
لكن مع اندلاع الحرب في غزة، واحتدام المواجهة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، ظهرت مؤشرات على ”جفاء“ بين النظام السوري وطهران. ومن ذلك أن دمشق لم تقدم ”أي دعم سياسي وعسكري وإعلامي“ إلى الحزب على عكس ما كان في حرب ٢٠٠٦.
لكن في المحصلة، يتساءل حميدي ما إذا كانت الخطوات الأخيرة في دمشق هي مجرد حيلة ”لشراء الوقت“ ريثما تخرج المنطقة من العاصفة؟ والأهم هل ”تسكت إيران عن خسارة سوريا“ أم تتفهم تلك ”المناورة“ ريثما تنجلي العاصفة أيضاً حيث أن الطرفين - سوريا وإيران - يحتاج أحدهما الآخر؟
موقع الأرشفة الإلكتروني
خلال شهر أكتوبر، تعطل موقع الأرشفة على الإنترنت Internet Archive أو archive.org بسبب هجمات سيبرانية متلاحقة، الأمر الذي تسبب في حالة ارتباك بين ملايين المستخدمين نظراً لميزة هذا الموقع الذي يؤرشف المواقع الإلكترونية ويحفظ وثائق حساسة تحظرها منصات أخرى.
الطريف في الأمر هو أن موقع Mashable الشهير بعث رسالة إلى إدارة archive.org يسأل عن الاختراق. فجاء الرد من الهاكر نفسه الذي أوضح أن من الأسباب التي سهلت الاختراق كان القدرة على الوصول إلى ”رموز التحقق token“ التي يتبادلها الموقع مع المستخدم لأغراض إثبات الهوية. ما حدث هنا هو أن الموقع لم يُعد تدوير تلك الرموز أو support tickets ”تذكرة الدعم الفني“ ما يعني أن بعضها كان لا يزال صالحاً أو يحمل بيانات سهّلت على الهاكر اختراق الموقع والسيطرة عليه. في الخلاصة، لا شك أن موقع archive.org أداة مهمة ومفيدة في الأرشفة الإلكترونية، ولكن يجب الالتفات إلى أن هذه الهجمات الأخيرة جعلت حسابات أكثر من ٣١ مليون مستخدم بين يدي الهاكر.
الذكاء الصناعي والتهكير
الذكاء الصناعي AI تطور بشكل مخيف؛ في الصوت والصورة، حيث صار صعباً تمييز الحقيقة من الوهم؛ وفي حالة ChatGPT حيث يكاد المرء يتحدث إلى ”بشر.“ فكيف لو أن AI استخدم في اختراق أو تهكير الهواتف والحواسيب؟ هذا خطر يتنامى كل عام.
منصة bugcrowd المخصصة لمجتمع الهاكر أجرت استطلاعات خلال الأعوام الماضية حول قدرة الذكاء الصناعي على التهكير. وجد تقرير هذا العام أن عدد الهاكر الذين يعتقدون أن الذكاء الصناعي يزيد فاعلية التهكير قفز من ٢١٪ العام الماضي إلى ٧١٪ هذا العام. وهذا معناه أن دور الذكاء الصناعي في التهكير ارتفع بشكل مقلق. فالعام الماضي، كان الهاكر يعتمدون على أدوات الذكاء الصناعي في تنفيذ مهام محددة بشكل أوتوماتيكي؛ أما هذا العام، فالهاكر يستخدمون AI في تحليل البيانات - وهو ما يعتبر أهم مرحلة في التهكير. فنجاح الاختراق يعتمد على قدرة الهاكر على التعرف على مواطن ضعف المستهدف من خلال تتبع سلوكه وتفضيلاته. وهكذا فإن قدرة الذكاء الصناعي على تجميع بيانات المستخدم وفرزها وتحليلها أكبر بكثير من قدرة البشر. والسؤال المهم: هل يستطع الـ AI أن يحل محل الإنسان في التهكير؟ الجواب مبشر. بحسب التقرير، لا تزال الاحتمالات ضئيلة. فنسبة الهاكر الذين أجابوا بنعم هذا العام كانت ذات النسبة التي سُجلت العام الماضي.