هند الإرياني: تابوهات التوعية عنْ جسد المرأة
Description
أنا أنتمي لمجتمع يعتبر الحديث عن الدورة الشهرية، وأيّ شيء يتعلّق بجسد المرأة من المحرّمات، وكأنّ كلّ شيء متعلّق بجسدها عيب وعار. حتّى عند شراء الفوطة النسائية، توضع في كيس أسود وكأنّها فضيحة.
زميلاتي في المدرسة المقبلات على الزواج كنّ يخفين كتبًا يقرأْنها ليفهمْن ما سيحدث بعد الزواج وكأنّها أسرار حربيّة. هكذا نشأْنا، فنحن جاهلات بأجسادنا منذ الولادة وحتّى الموت.
في حملة توعية تنظّمها منظّمة سويدية تسمّى RFSU حول الجسد والصحّة الجنسيّة، قامتْ بعض المواقع العربية السويدية بنشر المعلومات باللغة العربيّة، كما أنّ المنظمة نفسها توفّر ترجمةً بالعربيّة وبلغات أخرى يتحدّثها المهاجرون في السويد. يتناول الموقع، بشكل علميّ، مواضيع مثل سنّ البلوغ، الدورة الشهرية، الرغبة الجنسية، التمتّع، وفترة ما قبل انقطاع الطمث.
(رغبة جنسيّة، انقطاع طمث، تمتّع) عندما نقرأ هذه الكلمات باللغة العربيّة، يصيبنا الفزع. نحن لمْ ندرسْ عن الصحّة الجنسيّة في المدرسة سوى ذلك الدرس السريع عن الأعضاء التناسليّة، الذي مرّ الأستاذ فيه على المعطيات بسرعة، بينما كنّا جميعًا نشعر بالحرج ونتمنّى أنْ ينتهي الدرس سريعًا وهْو ما حدث. أمّا دروس الدين فركّزتْ على الزّنا، ولمْ ندرسْ أيّ شيء آخر. المجتمع أيضًا لمْ يعلّمْنا شيئًا، فالفتيات كنّ يأخذْن معلوماتهنّ في الخفاء، في زماننا من الكتب، واليوم من الإنترنتْ. الأهالي لا يهتمّون بأنْ يفهّموا أبناءهمْ وبناتهمْ عنْ أجسادهمْ، أو بالأحرى، يتعمّدون تجاهل الحديث عنْه.
قرأْت مرّةً لامرأة مصريّة تحدّثتْ عنْ كيف أنّ المجتمع المصريّ لا يتحدّث كثيرًا عنْ أضرار ختان الفتيات، وتأثيره على رغبة المرأة، وعلاقتها بزوجها. هذا مثال واحد، وبالتأكيد هناك أمثلة مشابهة في كلّ الدول العربيّة.
وعندما تصل المرأة إلى مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، لا تفهم لماذا مشاعرها متقلّبة، لماذا هي أكثر عصبيّةً أو توتّرًا، ولماذا لمْ تعدْ دورتها الشهريّة منتظمةً. هذا الجهل يمنعها منْ معرفة كيف تتجنّب تفاقم هذه الأعراض منْ خلال الغذاء أو الفيتامينات، وقد يؤدّي أحيانًا إلى مشاكل في الحياة الزوجيّة، بسبب عدم فهم الطرف الآخر لهذه التغيّرات أيضًا.
العلم والتوعية بجسدنا، سواءً كنّا نساءً أو رجالاً، أمر ضروريّ إذا أردْنا حياةً أسهل وحلولًا أفضل للمشاكل. أمّا الخجل والتابوهات، وفكرة أنّ أيّ حديث عنْ جسد المرأة عيب وعار، فسيؤدّي حتمًا إلى المزيد من المشاكل لها ولمنْ حولها. الحلّ يكمن في مدارس تجعل التوعية الجسديّة والجنسانيّة جزءًا أساسيًّا من التعليم، لنربّي مجتمعًا واعيًا وعاقلًا، بدلًا من مجتمع خائف، محتجب، مليء بالعقد.



