المرصد ٢٥٩: ما الذي اضطر قاعدة اليمن إلى ”توضيح“ حادثة أبين؟
Description
قاعدة اليمن وضياع البوصلة
ما الذي حدث في القوز اليمنية يوم ١٨ أغسطس ٢٠٢٤؟ في ذلك اليوم، وقع اشتباك عند نقطة للحزام الأمني على طريق القوز في محافظة مودية أسفر عن قتل قائد الحزام الأمني في المحفد حسين الرابض واثنين من مرافقيه، بالإضافة إلى وافي عبدالله عمر درعان ركن استطلاع الكتيبة الأولى في اللواء ٣٢ عمالقة واثنين من أقربائه.
أنصار القاعدة في اليمن سارعوا إلى نشر صور عنصرين من القاعدة من قبيلة كازم قالوا إنهما مسؤولان عن الاشتباك وقتل الرابض. لكن ثمة مشكلتان هنا. الأولى هي أن الاشتباك وقع بين حليفين: الحزام الأمني الذي أدار نقطة القوز والعمالقة الذي حملت السيارة شعاره. المشكلة الثانية هي أن عنصري القاعدة كانا في سيارة العمالقة. فما الذي حدث؟ كيف وصل عنصرا القاعدة إلى مركبة العمالقة؟ وكيف تسبب هذا في قتل أبناء قبيلة درعان؟
بحسب بيان نُسب إلى قيادة اللواء ٣٢ عمالقة، وتناقلته وسائل إعلام يمنية، فإن درعان كان عائداً إلى مقر عمله عندما استوقفه في الطريق اثنان يريدان الانتقال إلى المدينة. سمح لهما بالركوب من دون أخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة ومن باب ”أن يعمل معاهما خيرا ومعروفا.“ عندما توقفت المركبة عند نقطة الحزام لإجراء التفتيش الروتيني، باشر الاثنان بإطلاق النار بشكل مفاجئ على عناصر الحزام الذين بدورهم قتلوا جميع من في المركبة: درعان واثنين من أقربائه والقاعدييَن الاثنين وأحدهما شقيق أمير مهم في التنظيم.
وباعتراف أنصار القاعدة الذين تفاخروا بهذا الحدث ونسبوه إليهم قالوا إنه ”تم توقيف طقم العمالقة في نقطة القوز الذي كان على متنه عنصرين من #تنظيم_القاعدة.“ بحسب هذه الرواية تفاجأ هذان بوجود الرابض وأطلقا النار عليه. لكن هذه الرواية لم تفسر لماذا استقل هذان العنصران المركبة.
في المطلق، رواية الأنصار هذه جاءت مغايرة لبيان الملاحم الرسمي في ٢١ أغسطس عندما قال إن الحزام الأمني هو من باشر إطلاق النار من دون أن يأتي على ذكر توقيف السيارة في نقطة التفتيش. قال البيان أيضاً إن الاثنين استقلا سيارة ”لأفراد من آل درعان“ وكانا في طريقهما للعلاج! البيان أكد أن درعان لا علاقة له بالاثنين.
الخبيرة في شؤون اليمن، الدكتورة إليزابيث كيندال، وصفت ما حدث بأنه ”فوضى“ مشيرة إلى ما قالته سابقاً عن ضياع بوصلة تنظيم القاعدة واتساع قائمة ولاءاته على نحو ”التماهي“ مع ”المليشيات السائدة“ في المنطقة. الدكتورة كيندال اعتبرت أن بيان القاعدة ”لم يوضح“ الكثير إلا أنه أظهر حرص القاعدة على نفي أي علاقة بألوية العمالقة؛ والتأكيد لأهالي أبين أنهم غير مسؤولين عن قتل درعان وقريبيه.
أبو عبدالرحمن المكي
أكدت القيادة المركزية الأمريكية قتلها أبا عبدالرحمن المكي القيادي في تنظيم حراس الدين، ممثل القاعدة في الشام. بيان السينتكوم قال إن المكي كان ”مسؤولاً عن الإشراف على العمليات الإرهابية من سورية.“ والحقيقة يلفت استخدام حرف الجر ”من“ سوريا وليس ”في“ سوريا. النسخة الإنجليزية التي نفترض أنها الأصل، جاء فيها أيضاً ”from Syria“ وليس “In Syria”؛ فهل يعني هذا أن لحراس الدين نشاط ”خارج“ سوريا؟ هذا غير واضح.
المكي هو عضو مجلس شورى الحراس وربما كان آخر القادة البارزين في التنظيم بعد سامي العريدي وأبي همام الشامي.
استُهدف وهو على دراجته النارية ظهر الجمعة في جبل الزاوية جنوب إدلب.
بحسب سيرة ذاتية تناقلها مريدوه، ولد الرجل ودرس في السعودية وسُجن هناك فترة من الزمن. في وقت ما بعد انطلاق الحراك السوري، ”هاجر“ إلى سوريا طالباً الجهاد مروراً بالسودان ثم ليبيا. لا يُعلم على وجه اليقين متى دخل الأراضي السورية.
انضمّ المكي إلى هيئة تحرير الشام من خلال قاطع الملاحم أو جند الملاحم فكان شرعياً هناك. انشق عن الهيئة في موجة الانشقاقات التي أعقبت الخلاف بين الهيئة وقيادة تنظيم القاعدة. جند الملاحم كان من مؤسسي حراس الدين في فبراير ٢٠١٨.
كان المكي من قيادي الحراس القلائل الذين برزوا إبان انقضاض هيئة تحرير الشام على التنظيم في صيف ٢٠٢٠. في يوليو ذلك العام، كتب المكي رسالة إلى مقاتلي التنظيم يدعوهم فيها إلى الصبر ”على الابتلاء“ إلى حين أن يأتي ”الجهاد الشامي“ أكله. في أكتوبر، اعتقلته الهيئة وقضت عليه بالسجن خمسة أعوام. إلا أنها اطلقت سراحه في أبريل ٢٠٢٢ خاصة بعد تردي حالته الصحية.
بعد هذا التاريخ، لم يُنقل عن المكي أي نشاط دعوي أو قتالي. وربما كان هذا شرطاً لإطلاق سراحه. لكن في الأسبوع الأول من أغسطس الجاري، تناقل أنصار القاعدة رسالة نُسبت إليه تتعلق بالموقف من تعزية القيادي في حماس إسماعيل هنية. الرسالة لم تنقلها شام الرباط، الذراع الإعلامية الرسمية لتنظيم الحراس. المكي لم يكن مؤيداً لحماس واعتبرها ”ضالّة“ ولم يُشر إلى هنية بلفظ الشهيد؛ بل جاء في عنوان الرسالة ”مقتل هنية.“
حسابات الجهاديين من سوريا والقريبين منهم نشروا صورة ”نادرة“ وربما الوحيدة للرجل وأجزلوا مدحه. كما اتهموا الهيئة بالتنسيق مع التحالف لاستهدافه. منهم من عرض قوائم معارضين ملاحقين أو مقتولين في منطقة نفوذ الهيئة؛ وآخرون تساءلوا كيف يفلت زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني من التحالف وهو المطلوب الأول لهم في المنطقة.أما الهيئة، فأهم رد جاء من عبدالرحيم عطون، رئيس المجلس الشرعي فيها مترحماً على المكي.
قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي
ضمن موجة غضب، بل تخوين، أنصار القاعدة من ”حلفاء“ تقليديين أو من بعضهم بعضاً، تحولت أنظار بعضهم إلى قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي بالنقد والإساءة. هذا الحساب متخصص في كشف خبايا تنظيم داعش.
بعض أنصار القاعدة اعتبر أن ما ينشرونه يأتي خدمة للتحالف ”على طبق من ذهب.“ آخرون قللوا من أهمية المعلومات المنشورة جملة وتفصيلا.
هذا الأسبوع نشر الحساب عن استراتيجية داعش ”لسلب أهل السنة في العراق.“ وهذا عنوان مهم لأن داعش ما انفك يقدّم نفسه على أنه حامي ”السنة“ في العالم. الحساب نشر رسالة من ”والي العراق“ أبي عبدالقادر ”لتفعيل عمليات الابتزاز ضد أهل السنة“ ولكن من العوام أي ممن لم يبايعوا التنظيم.
منشور لافت آخر في هذا الحساب جاء لتوضيح التباس حول كنية ”أبي حفص“ التي يُكنّاها ”خليفة“ داعش الحالي أبو حفص الهاشمي القرشي. يقول الحساب إن البعض يخلط بين نائب والي العراق أبي مسلم العلواني المكنّى أبي حفص وعبدالقادر مؤمن القيادي في داعش الصومال والذي يعتقد الحساب أنه هو ”الخليفة“ الحالي.
”نفاق“ طالبان
منذ استولت طالبان على الحكم في أفغانستان في أغسطس ٢٠٢١، توترت العلاقة بين باكستان وأفغانستان على خلفية هجمات قامت بها جماعة طالبان الباكستانية (TTP) أو جماعات موالية لها. وصل التوتر ذروته بتراشق اتهامات على مستوى رسمي بأن كابول تأوي وتدرب انتحاريين في باكستان. في أغسطس ٢٠٢٣، أصدرت دار الإفتاء التابعة لحكومة طالبان فتوى ”تحرم“ على الأفغان الجهاد ”عبر الحدود“ في باكستان.
اليم، نقل حساب @AfghanAnalyst2 على إكس أن أحد مشايخ طالبان ”تحدى“ قيادة الجماعة عندما ”أعلن الجهاد“ في باكستان.
هذا الحساب وحسابات أخرى نقلت تسجيلاً منسوباً إلى الشيخ عبدالسميع غزنوي يقول فيه - بحسب الترجمة - إن ”الجهاد“ في باكستان فرض عين. اعتبرت هذه الحسابات أن هذا التصريح يخالف تعليمات قيادة طالبان. كما نقلت أن الرجل عوقب بسبب تصريحاته بأن أقيل من التدريس. غزنوي معروف بانتقاده قيادة طالبان وآرائه الجدلية. فمثلاً يختلف مع القيادة على إغلاق مدارس البنات، لكنه في نفس الوقت يرى أن ”مفهوم“ الإمارة الإسلامية يجب ألا ينحصر في أفغانستان.
في تناقض آخر يشخص علاقة طالبان مع ذاتها ومع الآخر، برز هذا الأسبوع تصريحات لمسؤولي طالبان يطالبون فيها البنك الدولي إلى العودة إلى أفغانستان. تحت عنوان عريض هو ”نفاق طالبان،“ نوه حساب Afghan Analyst إلى قانون ”الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر“ الذي نشرته حكومة طالبان أخيراً وفيه اجتناب ”التعاون والصداقة مع الكفار.“ فكيف تتسق هذا البند في القانون مع سلوك طالبان تجاه المؤسسة الدولية؟
في الاتجاه ذاته، الصحفي الأفغاني بلال صرواري كتب على منصة إكس أن ”طوال ٢٠ عاماً، دمّر طالبان المشاريع التنموية التي مولها البنك الدولي ووسموا الأفغان العاملين معهم بالخونة خدمة ‘الكفار.‘ وها هم اليوم يطلبون من البنك ذاته العودة لتنفيذ مشاريع جديدة وكأن هذا حق لهم.“ صرواري وصف حكم طالبان بالقمعي والعنصري ”يقوده إرهابيون دوليون.“
الجريمة والسوشيال ميديا
فيما يواجه مؤسس تلغرام، بافل دوروف، تضييقاً في فرنسا وتهماً بتشجيع الجريمة وفيما يتخوف مستخدمو التطبيق من انتقال التضييق إلى حساباتهم، تلفت أكثر من وسيلة إعلامية إلى خروقات لا تقل خطورة على منصة مثل إكس - تويتر سابقاً.
موقع صحيفة The Times البريطانية نشرت تحقيقاً عن استخدام تطبيق إكس كمنصة لعرض السلاح للبيع والشراء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون إيرانياً في اليمن. الأسلحة الرائجة في هذه التعاملات هي البنادق والمسدسات وقاذفات القنابل اليدوية.
والشيئ بالشيئ يُذكر، وفي موازاة هذه الجرائم، ثمة تصاعد في التعاملات الإنترنتية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. الباحثة جيسي ديفيز لاحظت هذا النهج ضمن استراتيجية بات الإرهابيون يستخدمونها تتمثل في استخدام ”مُمكّنين محترفين“ مثل المحاسبين والبنوك والمحامين ”لإخفاء مصادر تمويلهم ووجهتها.“
في دراسة لموقع Insight Threat Intel المتخصص، قالت ديفيز إن مصادر التمكين هذه هي ذاتها التي استخدمها غاسلو الأموال سابقاً وذاتها التي تستخدمها جماعات مثل حماس وحزب الله.