المرصد ٢٦١: في ذكرى هجمات سبتمبر، تخبط القاعدة حول حماس يهدد ”بإسقاط رموز التنظيم“
Description
سبتمبر ٢٠٢٤
الذكرى الثالثة والعشرون لهجمات سبتمر تأتي هذا العام وسط انقسام في أوساط القاعدة حول الموقف من حماس وما يتعلق بحرب ٧ أكتوبر في غزة. ففي الوقت الذي يحشد فيه المناصرون للاحتفاء بالهجمات باعتبارها ”هزمت“ أمريكا ورفعت التنظيم من رتبة ”مركزي“ إلى شبكة ”منتشرة“ في ”أرض الله“، نجد أنهم انقسموا على أنفسهم بل ومشايخهم. في كل هذا، الإعلام الرسمي إنما يعمّق الخلاف.
الحساب القاعدي ”ذي يزن القحطاني“ يحذر من ”حملة ممنهجة لإسقاط هامات ورموز الجماعة (قاعدة الجهاد)“ بسبب الخلاف حول الحكم الشرعي في حماس وقادتها بما يتصل أولاً بالعلاقة مع إيران. وفي هذا، يرى الحساب أن بعض المناصرين باتوا يميزون بين قاعدة أمس وقاعدة اليوم؛ أو ما يسمّونه ”قاعدة أسامة وقاعدة الظواهري.“ وربما كان مجدياً هنا أن نضيف ”قاعدة سيف العدل.“ بل يذهب هؤلاء أبعد من ذلك فيمتدحون نهج طالبان مقابل ”الحط والذم في قاعدة الجهاد وطريقتها في التغيير وسوء التدبير،“ كما يقول الحساب.
ويلفت في هذا الجدل بل التخبط أن سأل أحدهم عن صدق تصريح نُسب إلى حذيفة ابن عبدالله عزّام يقول إن الدكتور أيمن الظواهري كان ”يكفّر عبدالله عزّام ويحرّم الصلاة خلفه.“ رد آخر أن الكلام غير صحيح وأن القول ”كذبة موسادية وخطة استخباراتية ممنهجة.“
الحقيقة أن هذه المعلومة جاءت في كتاب لصهر عبدالله عزّام واسمه عبدالله أنس وكان جهادياً مخضرماً قبل أن يترك الجماعة. كان من أوائل المجاهدين العرب في أفغانستان. حارب السوفييت هناك عشرة أعوام، وكان قريباً من عبدالله عزّام. في كتابه ”إلى الجبال: حياتي في الجهاد من الجزائر إلى أفغانستان“ يقول إن الظواهري كان شديد العداء لعزّام، بل ”تآمر“ عليه وأساء إليه؛ فكان يروّج أنه ”عميل للسعودية.“ ويضيف: ”الظواهري لم يكن يصلي خلف (عزّام) عندما كان حياً ولم يمتدحه ميتاً إلا بعد هجمات سبتمبر … كما هي الدول تحتاج إلى رموز وقصص وطنية، كذلك القاعدة احتاجت إلى رمز مثل الشيخ عبدالله.“ وفي الحلقة ٢٠٣ من هذا البرنامج نستعرض شهادة عبدالله أنس بالتفصيل.
بين ٧ أكتوبر و ١١ سبتمبر
المفارقة في هذا الجدل أن الإحباط من الحاضر والتغنّي بالماضي لا يختلف عن حقيقة هجمات سبتمبر نفسها. فإذا كان أنصار القاعدة اليوم مختلفون حول شرعية تأييد حماس، فماذا يقولون عن شرعية هجمات سبتمبر؟ الحقيقة الثابتة هي أن أسامة بن لادن خالف تعليمات الملا محمد عمر زعيم طالبان وقتئد و“أميرَ المؤمنين“ الذي بايعه على السمع والطاعة. الملا عمر لم يأذن بمهاجمة أمريكا لا في داخل الأراضي الأمريكية ولا خارجها؛ بل إن بن لادن التفّ عليه وخدعه؛ وهذا بشهادة عرّابي القاعدة أنفسهم.
أبو محمد المصري، نائب الظواهري، وصهر أسامة بن لادن، ذكر في كتابه ”عمليات ١١ سبتمبر بين الحقيقة والتشكيك“ المنشور في سبتمبر ٢٠٢٢؛ أن ”أمير المؤمنين الملا محمد عمر (أمر) بوقف العمليات الخارجية على الأمريكان والتركيز على العمل الجبهوي (داخل أفغانستان).“في ذلك الوقت، كان بن لادن قد أرسل انتحارييه إلى أمريكا وكانوا ينتظرون ساعة الصفر.
يتابع أبو محمد:“حدثت جلسات مع قادة الإمارة الإسلامية حول ضرورة السماح لنا بالعمل الخارجي، فجاء الإذن من أمير المؤمنين بالسماح بضرب الأهداف اليهودية … وكان لابد من اتخاذ خطوات للتوفيق بين العملية، وبين توجيهات أمير المؤمنين.“ يقول أبو محمد إن مجلس شورى القاعدة ”عقد جلسات مكثفة“ للبت في هذه المعضلة ”ودار النقاش حول إمكانية تحويل الضربة من أهداف أمريكية إلى أهداف يهودية داخل أمريكا؛“ لافتاً إلى أن هذا لن يغير من حقيقة أن الاستهداف سيظل على أرضٍ أمريكية. ومع هذا الترقيع أُبلغ محمد عطا بتغيير الأهداف إلى ”يهودية“ ولكنه قال إن ذلك غير ممكن لأنهم أتموا التحضيرات. نفهم من هذا الكلام أن مجلس الشورى كان يدرك المخالفة الشرعية ولكنه حاول يائساً تطويع تعليمات الملا عمر بتحويل الأهداف. وعلى مستوى ثانٍ، كان محمد عطا يدرك أن ”أمير المؤمنين“ يرفض هذا العمل، ولكنه وأميره المباشر أسامة بن لادن أصرّا على العصيان.
وعن هذا الجدل يتحدث زعيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي في مذكراته التي نشرتها صحيفة المسرى الصادرة عن التنظيم في يناير ٢٠١٦. يروي أن مصطفى أبا اليزيد، وكان حتى قتله في ٢٠١٠ المسؤولَ العام لتنظيم القاعدة في أفغانستان، طلب الرجوع إلى الملا عمر بصفته "أميرَ المؤمنين" كشرط شرعي قبل التنفيذ. فرد بن لادن أن "أمير المؤمنين" سمح له بضرب اليهود وأن "الأمريكان هم الوجه الآخر لليهود."
كذلك ذكر خبيب السوداني، القيادي في قاعدة اليمن، في كتابه ”شذرات من تاريخ القاعدة“ أن ”بعض الإخوة“ اختلفوا مع أسامة بن لادن بسبب إصراره على ”تصعيد المواجهة مع أمريكا“ وكان منهم المسؤول عن اللجنة الشرعية، أبو حفص الموريتاني الذي استقال من القاعدة احتجاجاً على تنفيذ الهجمات.
لم يتوقف الأمر عند هذا. ظل الملا عمر واثقاً بأسامة بن لادن وبأنه غير مسؤول عن الهجمات، ولهذا رفض تسليمه لأمريكا. في البداية كان بن لادن ينكر تورطه في الهجمات وإن امتدحها. في ديسمبر ٢٠٠١، ظهر بن لادن في الجزيرة ينتقد تكالب أمريكا عليه وعلى أفغانستان بسبب ما وصفه بـ ”مجرد شبهة.“ وقال: ”فما تتهم به أميركا هذه الفئة المهاجرة المجاهدة في سبيل الله لا يقوم عليه دليل وإنما هو البغي والظلم والعدوان.“ لكن بعد ثلاث سنوات وبعد أن سُحق الشعب الأفغاني، ظهر في الجزيرة نفسها في أكتوبر ٢٠٠٤ متبنياً الهجمات. وقال مما قاله: ”كنا قد اتفقنا مع الأمير العام محمد عطا ـ رحمه الله- أن ينجز جميع العمليات خلال ٢٠ دقيقة قبل أن ينتبه بوش وإداراته.“
حراس المسرى!
منذ أغسطس الماضي وأنصار القاعدة يبحثون عن جماعات جهادية سلفية مقاتلة في غزة. لا شك أن ذلك منبعُه التغلب على إشكالية ”تأييد“ حماس الموالية لإيران والتي تتصدر مشهد المواجهة مع إسرائيل. ذكّروا تحديداً بجماعة جيش الأمة السلفي في بيت المقدس وجماعة سرايا حراس المسرى. أحدهم قال إن الاثنتين واحدة.
حساب قاعدي أعاد نشر تصريح من ”جيش الأمة“ تحت عنوان ”حصري“ يقول إن الجماعة منذ ”طوفان الأقصى“ قدّمت ”الغالي والنفيس“ في القتال الدائر في غزة ومن ذلك القيام ”بمجموعة من العمليات“ وتقديم ”كوكبة من الشهداء.“ الحساب نفسه نشر للجماعة ”تعزية“ بأبي عبدالرحمن المكي القيادي في حراس الدين ممثل القاعدة في الشام الذي اغتيل في ٢٣ أغسطس الماضي.
الهدف من هذا كله هو الإيحاء بأن السلفية الجهادية المقاتلة موجودة في غزة وبالتالي يكون هناك طرف آخر موازي لحماس في ”استحقاق“ قتال إسرائيل.
لكن اللافت أن جماعة جيش الأمة لم تبايع القاعدة بحسب ما نقله حساب قاعدي نشر مقابلة أجراها مع الجماعة الباحث أيمن جواد التميمي في فبراير ٢٠١٩.
قَدَر المقدسي
الجدل حول موقف مشايخ الجهادية من قضايا حاسمة يعود إلى إدلب. سلوك هيئة تحرير الشام تجاه القاعدة بشكل خاص خلّف قطيعة بين قطبي الجهادية السلفية أبي محمد المقدسي الذي يعارض الهيئة وأبي قتادة الفلسطيني المؤيد.
هذه الأيام ومع استمرار الحراك الشعبي ضد الجولاني، سأل الشرعي المنشق عن الهيئة أبو يحيى الشامي عن الشيخين وموقفهما من دعوة وجهها مشايخ في إدلب إلى الهيئة للتحاكم إلى الشرع. يقول أبو يحيى: ”لم نر أو نسمع أو نقرأ تعليقاً للشيخ أبو قتادة الفلسطيني ولا الشيخ أبو محمد المقدسي على هذه الدعوة وتجاهل قيادة الهيئة لها!! ألا ترون أن الذي يسكت عن هذه لا يؤخذ منه في غيرها؟!“
الجولاني وقيادة المحرر
ظهر في معرفات المعارضة في إدلب هاشتاغ جديد هو #الجولاني_ليس_قائداً_للمحرر على خلفية خطاب أبي محمد، زعيم هيئة تحرير الشام، في افتتاح معرض الكتاب في المدينة الذي قال فيه إن ”الثورة السورية تعيش عصرها الذهبي.“
ولا شك في أن الهاشتاغ موجه مناصفةً إلى الجولاني والإعلامي المؤيد للهيئة أحمد زيدان الذي كتب في الشرق القطرية أن إدلب باتت ”أفضل بكثير“ من المناطق التي تخضع لسيطرة النظام أو قسد أو المعارضة المدعومة تركياً.
المعارضون ردّوا بالتذكير بالاعتقالات اليومية التي تطال كل من يتحدث ضد الهيئة. الشرعي أبو يحيى علّق: ”اعتقال الناس إذا نشروا معلومات عن مظالمهم يكرس الظلم ويزيد من قناعة الجميع أن الجولاني يجب أن يسقط هو ومنظومته الأمنية الغاشمة.“ حساب المعارض أبو هادي كتب ”مشروع إدلب عند زيدان هو الجولاني ومن معه.“
قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي
نشر حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي المتخصص في كشف خبايا داعش أن ”قيادات تنظيم الدولة“ يبحثون عن هوية مدير أو مديري الحساب. يأتي هذا فيما يواجه الحساب حملات تخوين ليس من داعش وحسب وإنما من بعض أنصار القاعدة أيضاً.