رأيي في "الإنفلونسرز" تغيّر
Description
لا أدري إن كنتم تتذكّرون مدوّنتي عن الصحفيّة/الناشطة التي التقيت بها في مؤتمر وكانت تلك أوّل مرّة أقابلها وجهًا لوجه، فقالت لي: “أنتِ جميلة” فابتسمت وشكرتها، ولكنها استكملت: "لماذا لا تصبحين فاشنيستا أو إنفلونسر وتتركين عذاب القلب والنشاط الحقوقي والتهديدات"!
في ذلك الوقت أغضبتني كلماتها وقلت لها:
"ولكنّني أحبّ أن أعبّر عن رأيي وليس فقط إظهار شكلي الخارجي"
وشاهدت في وجهها نظرة إعجاب فهدأ غضبي، ولكنني اليوم أعترف، بأنّها كانت محقّة.
أتابع برنامجًا شهيرًا يستضيف شخصيات من مجالات مختلفة ناجحة سواء عربية أو من دول أخرى. ووجدت اليوتيوب يقترح لي حلقة لنفس البرنامج وهو يستضيف “إنفلونسر” أو مؤثّرة. في البداية استنكرت استضافتها في برنامج كهذا لأن فكرتي عنها أنها مجرد شكل بدون مضمون، تعرض حياتها ولا يوجد شيء يستحقّ المشاهدة، ولكنني قرّرت أن أُنحّي أحكامِي المسبقة جانبًا وأشاهد المقابلة.
وكانت المفاجأة! لم تكن هذه الفتاة الجميلة مجرّد شكل، ولكنّ وراءها قصة معاناة حيث عاشت في دار أيتام بسبب فقر والدتها، وكافحت وأصرّت أن تغيّر حالها. صحيح أنها تزوّجت من ثريّ في النهاية، مثل نهاية قصة سندريلا، ولكن كان لديها مشروع ناجح قبل أن تلتقي به. وفي النهاية نجحت في تحقيق طموحاتها التي كانت مادية بحتة بسبب ظروف الفقر التي عانت منها، أي أنها نجحت في تحقيق حلمها.
هذه المرأة وغيرها تعتبر مثلًا أعلى للكثير من المراهقات، ولن أقول خطبًا عصماء عن نوعية الناس الذين أصبحوا مثلًا أعلى لهذا الجيل، فيجب أن أعترف أننا جيل يختلف عن جيلهم والزمن تغيّر. اليوم لم تعد البرامج التلفزيونية مهمّة إلا إذا تمّ وضعها في وسائل التواصل وانتشرت، فالجيل الجديد لا يهتمّ بأن يشاهد التلفاز أو يقرأ الجرائد. والإنفلونسرز أصبح لديهم نفوذ قويّ، تتمّ استضافتهم لأهمّ المؤتمرات، ونشاهد كيف أنّ السياسيين في أوروبا يحاولون أن يجذبوهم لكي يتحدّثوا عنهم أو عن حزبهم. وحتى السياسيّ يحاول أن يكون إنفلونسر فيذهب للتيك توك ويرقص على أمل جذب الجيل الجديد للتصويت له. نعم، كل شيء تغيّر.
هناك مؤثّرون محتواهم يركز على الثراء والمظهر ويتسبّب في زيادة اكتئاب المراهقات. ولكن ليست هذه النوعية فقط هي المتواجدة، بل هناك مؤثّرون يضيفون شيئًا إيجابيًّا لحياة من يتابعهم، وهؤلاء من أتمنّى أن يزيد عددهم.
اليوم، كلّنا نستطيع أن نكون مؤثّرين. وأرى أن جيلنا، الذي يعتبر اليوم جيل منتصف العمر، يجب أن يتواجد بشكل أكبر في وسائل التواصل التي يستخدمها الشباب، وإلا فإنّه سينتهي من الوجود. ولعلّنا إن أصبحنا “إنفلونسرز” نستطيع أن ننقل خبرتنا وما تعلّمناه من نكساتنا، خاصّة وأنّنا شباب الربيع العربي، جيل النكسات الذي عانى كثيرًا وتعلّم كثيرًا، وتغيَّر رأيه كثيرًا.




