براءة مُصادرة: عمالة الأطفال في شوارع بغداد بين الحاجة والحرمان
Description
تكتظ أسواق العاصمة العراقية بغداد وتقاطعات طرقها، بأطفال صغار يعلمون في مهنٍ لاتتناسب مع أعمارهم وتُشكل عبئًا كبيرًا عليهم في ظل الواقع الإقتصادي الصعب الذي يعيشه العراق.تفاصيل اوفى مع مراسلنا محمد طلال
في زقاق ضيق مزدحم بالمحال وسط سوق الشورجة ببغداد، يدفع عباس ذو العشرِ سنوات كومة من الصناديق الخشبية الثقيلة بواسطة عربة حديدية تفوقه حجمًا. يُثبت في مقدمتها قطعة من الورق المقوى مكتوبٌ عليها بخط يده 'على نياتِكم ترزقون'، ملامحُ عباس تعكس تعبًا أكبر من عمره.يعمل هذا الطفل منذ الصباح الباكر وحتى المساء، يوصل البضائع الى المحال وينقلها الى الداخل لكسب قوت يومه.
"أُجبرت على العمل بعد استشهاد والدي على يد تنظيم الدولة الإسلامية، اضطررت الى ترك مقاعد الدراسة وشراء هذه العربة الحديدية التي أُقل فيها البضائع من الشاحنات والى المحال التجارية، احصل على مبلغ زهيد مقابل هذه العمل المتعب"
عباس حسين ليس وحده في هذه المعاناة، فجيوش الأطفال تغزو الاسواق وتقاطعات الطرق في بغداد ،يشترك جميعهم بالتعب الذي يسكن اجسادهم وتترجمه ملابسهم الرثة. عمالة الأطفال مشهدٌ اعتاد عليه البغداديون كل يوم، في سن مبكر ينخرط هؤلاء في أعمال لاتناسب أعمارَهم ولا قدراتِهم الجسمانية، يتحملونَ أعباءَ الحياة بدلًا من التمتع بطفولتهم
فاتن القره غولي نائب في البرلمان العراقي:
"عمالة الأطفال موضوع خطير جدًا وهو منافٍ لحقوق الإنسان، المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأسر الي تدفع بأطفالها الى العمل وكذلك على عاتق الحكومة العراقية التي يجب ان تجد حلًا لهذه المشكلة التي بدت واضحة جدًا ، من خلال تجوالك في شوارع بغداد وتحديدًا تقاطعات الطُرق"
وفقًا للإحصائيات الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان،فإن أكثر من مليون طفل عراقي يعملون في سن مبكرة، في ظل ارتفاعِ نسبة الفقر الناتج عن الحروب، وتفشي الفساد، ونقص الفرص التعليمية، الأمرُ الذي يدفعُهم إلى العمل المبكر لإعالة أسرهم
صلاح بوشي ناشط في مجال حقوق الإنسان تحدث لمونت كارلو الدولية عن الضمانات الدستورية الغائبة والتي تضمن للأسر حقها في العيش الكريم، ووجود هذا الكمّ من عمالة الأطفال هو مؤشر خطير ويجب على الحكومة العراقية إعادة النظر في هذا الملف.
ورغم التشريعاتِ والقوانين التي تهدف إلى منع استغلال الأطفال في العمل، فإن الظروف الاقتصادية الصعبة وضغوط الحياة تدفعُ الكثير من الأسر لإرسال أطفالهم للعمل بدلاً من التعليم.
رئيس لجنة المرأة والطفل النيابية
دنيا الشمري:
"قانون حماية المرأة والطفولة الموجود حاليًا لايوجد فيه لاعقوبات ولامحاذير،ونحن بدورنا كلجنة مرأة عقدنا اجتماعات مع مسؤولين في الحكومة العراقية لإدراج فقرات تمنع عمالة الأطفال وتوفر للطفل غطاء قانوني حقيقي"
وعلّق أحدُ المارة بإستياء وضجر بعد ان طرحتُ عليه سؤالاً عن عمالة الأطفال، رافضًا المقابلة الصحفية وقائلًا :"إن الطفل في العراق بالأساس يولد مُسنًا" .