سناء العاجي الحنفي: أنت لا تريد الانجاب؟ إذن أنت مدان...
Description
الأبوة والأمومة ليست مجرد محطة عابرة في حياة الإنسان. هي قرار مصيري، فيه مسؤولية جسيمة تجاه كائن جديد سيأتي إلى العالم. ومع ذلك، في مجتمعاتنا، لا يزال الزواج والإنجاب يُقدَّمان وكأنهما خطوات طبيعية محتومة: تصل إلى سن معينة، تتزوج، ثم تنجب... وكأن الحياة وصفة جاهزة لا مجال لإعادة التفكير فيها.
لكن، ماذا لو قرر بعض الناس، بوعي ومسؤولية، ألا ينجبوا؟ لماذا نحاكمهم ونُطلق عليهم الأحكام الجاهزة؟ لماذا نعتبرهم أشخاصا غير طبيعيين؟ بل ويحاول البعض إقناعهم بتغيير رأيهم... هم لا يطالبون الآخرين بالاقتداء بهم ولا ينظمون حملات ضد الإنجاب. هم فقط يمارسون حقهم في التفكير واتخاذ قرار شخصي عميق يخص حياتهم ومصيرهم، ولا يؤثر على اختيار أشخاص آخرين للإنجاب.
المفارقة أن كثيرين ممن يختارون الإنجاب لا يسألون أنفسهم إن كانوا فعلا مستعدين لهذه المسؤولية الصعبة. ينجبون فقط لأن المجتمع يتوقع منهم ذلك، أو لأن "الوقت قد حان" كما يقال. بينما الأبوة والأمومة هي من أصعب القرارات وأكثرها خطورة، لأنها لا تخص الفرد وحده بل تمتد لتحدد مستقبل وحياة إنسان آخر، بالكامل. وكذلك لأنه يكاد يكون القرار الوحيد الذي نتخذه في حياتنا والذي لا يمكن التراجع عنه لاحقا.
ألا يستحق إذن من اختار عدم الإنجاب، بعد تفكير جدي ومسؤول، الاحترام بدل الإدانة؟ أليس المنطقي أكثر أن ننتقد اللامبالاة في اتخاذ قرار الإنجاب، بدل نقد من قرر بوعي ألا يدخل هذا المسار أصلا؟ علما أنه أو أنها يتحملان المسؤولية بمفردهما، بمعنى أنهما لا يؤثران في قرار الآخرين بالإنجاب أو عدمه. هو قرار شخصي محض يهم الفرد وشريكه المحتمل ولا يفترض أن نتدخل فيه.
لكن المشكل الأصل هو أننا، ربما، لا نقبل الاختلاف ولا نقبل حق الآخرين في التفكير الفردي وفي الخروج عن المتعارف عليه.
بينما الحقيقة أن احترام حرية الآخرين في اختياراتهم ليس ترفا. هو اعتراف بأن كل إنسان يعيش حياته بطريقته، وأن الحياة لا تُختزل في وصفة اجتماعية واحدة وفي اختيارات موحدة للجميع.