سناء العاجي الحنفي: زهران ممداني... الإسلام أم الديمقراطية؟
Description
ماذا إذا عدنا إلى نيويورك وانتخابات نيويورك؟ منذ أيام قليلة، عمدة جديد يتسلم مهامه وسط احتفاء مهيب في بلداننا... ليس لكفاءته المحتملة، بل فقط لأنه مسلم.
لحظة فخر؟ ربما. لكنها أيضًا لحظة للتأمل وللتساؤل.
هل كنا سنقبل في الرباط، أو القاهرة، أو عمّان، أن يكون عمدة إحدى مدننا مسيحيًا؟ أو حتى مسلمًا شيعيًا؟
هل كنا سنتسامح مع مهاجر من السودان أو الهند أو السنيغال، استقر في أحد بلداننا لسنوات ثم حصل على الجنسية، ثم ترشح وفاز في انتخابات حرة؟ بل هل كانت قوانيننا ستسمح بذلك؟
نحن نحب أن نصف الغرب بالليبرالي المهووس بالحريات الفردية والرأسمالية، وننتقد ما نراه من مبالغات في قيمه. لكن هذه القيم هي التي جعلت من زهران ممداني في نيويورك، أو صادق خان في لندن، رمزين سياسيين في عواصم كبرى لا يسأل فيها الناس: من أين أتى؟ ما هو دينه؟ بل: ماذا قدّم؟ وماذا يستطيع أن يقدّم؟
في بلداننا، ما زالت الهويات الموروثة تحدد مصيرنا أكثر من كفاءتنا. ومازال الانتماء للجماعة يحدد تصور الآخرين عنا. نحلم بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية، لكننا نرتعب من فكرة المساواة الحقيقية حين تقترب من أبوابنا. نحتفل بـ"التنوع" حين يكون شعارًا جميلاً على جدار، لا حين يصبح ممارسة في صناديق الاقتراع.
كم شخصا بيننا قادر على أن يصوت على مرشح كفء، لكنه يعلن إلحاده أو تشجيعه للمثليةمثلا؟ أو حتى كونه مسيحيا أو شيعيا؟
الغرب ليس مثالياً، لكنه استطاع أن يخلق أنظمة تتيح للفرد المختلف أن يصل، إن أقنع الناس ببرنامجه. أما نحن، فما زلنا نحاسب الناس على أسمائهم، ولهجاتهم، وطريقة صلاتهم.
فربما، بدل أن نحتفل بعمدة مسلم في نيويورك، علينا أن نسأل:
متى سنحتفل نحن بعمدة مسيحي في الرباط؟
أو بمهاجر إفريقي في عمّان؟
متى سنقبل فعلاً أن التنوع ليس شعارًا نردده، بل اختبارا حقيقيا لمدى إنسانيتنا وديمقراطيتنا؟ الديمقراطية الحقيقية، لا ديمقراطية الشعارات.




