خالد البلشي نقيب الصحفيين المصريين لمونت كارلو: لا أحد راضٍ عن وضع الإعلام في مصر
Description
في إطار مشاركة برنامج الآن غدًا في ملتقى أريج الـ 18 للصحافة الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمّان، أجرى طارق حمدان لقاءً مع نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي للحديث عن واقع الإعلام في مصر.
يأتي هذا اللقاء في لحظة يمرّ فيها القطاع الصحفي بتحوّلات عميقة وتحديات متشابكة. نحاول الاقتراب من صورة الواقع، وفهم الدور الذي تضطلع به النقابة في تعزيز بيئة مهنية تحمي الصحفيين وتدعم حقهم في العمل بحرية وأمان.
"التشريعات الحالية ما تزال تفرض قيودًا يجب التعامل معها بجدية"
"نحن بحاجة إلى خطوات واقعية لتفكيك هذا الوضع"
"بدون مناخ سياسي واجتماعي يسمح بالحركة والتعبير سيظل الإعلام مقيدًا"
كيف تقرأ ملامح المشهد الصحفي في مصر اليوم؟
نحن أمام مشهد صحفي مأزوم، لكنه في الوقت نفسه يحاول رسم خطوط جديدة للمستقبل. هناك تحديات مختلفة تواجه المهنة، سواء على مستوى قدرتها على الحركة والتعبير عن الناس، أو على مستوى التطور التكنولوجي الهائل، أو على المستوى التشريعي الذي يحتاج إلى تغيير كبير.
لدينا دستور 2014 الذي منح مساحات واسعة لحرية الصحافة، لكن التشريعات الحالية ما تزال تفرض قيودًا يجب التعامل معها بجدية، نحن أيضًا أمام مشهد تتبلور فيه رسالة واضحة: الجميع غير راضٍ عن وضع الإعلام في مصر. السلطة التنفيذية غير راضية، الصحفيون غير راضين، والجمهور لا يشعر أن هناك إعلامًا يعبّر عنه. ولذلك نحن بحاجة إلى خطوات واقعية لتفكيك هذا الوضع، وإلى تفاوض بين أطراف العملية الإعلامية: الصحفيين والنقابات والملاك والسلطة التنفيذية، بهدف خلق إعلام قادر على التعبير الحقيقي عن الناس.
أشرتَ إلى ضرورة تعديل بعض التشريعات. ما أبرز هذه القوانين التي ترى ضرورة تغييرها؟
نحن بحاجة إلى تشريعات مكملة للدستور، أهمها قانون لحرية تداول المعلومات، وهو غير موجود حتى الآن. نحتاج أيضًا إلى تشريع يضمن تنفيذ المادة الدستورية التي تمنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر. كما أن البيئة التشريعية الحاكمة للإعلام تحتاج تطويرًا يتناسب مع التطور المتسارع في المهنة، سواء على مستوى التكنولوجيا أو على مستوى الرؤية التي صيغت وفقها التشريعات الحالية، والتي لم تعد قادرة على مواكبة احتياجات المجتمع ولا على تمكين الصحفيين من الحركة والعمل والتعبير.
نسمع كثيرًا عن أهمية خلق أجواء داعمة للعمل الصحفي. من وجهة نظرك، ما العناصر الأساسية لذلك؟
الإعلام جزء من المناخ العام. بدون مناخ سياسي واجتماعي يسمح بالحركة والتعبير في المجتمع، سيظل الإعلام مقيدًا. المسألة لا تتعلق فقط بالتشريعات الخاصة بالإعلام، بل أيضًا بالتشريعات التي تحكم الحياة العامة: الحياة السياسية، المجتمع المدني، الحياة الحزبية… كل هذه العناصر تحتاج تنشيطًا حتى يكون الإعلام جزءًا من بيئة طبيعية. إلى جانب ذلك، لا بد من إعلام متنوع قادر على تمثيل كل فئات المجتمع. هذا هو الشكل الذي نحتاج إلى العمل عليه جميعًا داخل مصر، لأن الإعلام في النهاية هو تعبير عن المجتمع ورؤية الدولة تجاهه. ولذا فإن أي تطوير يحتاج إلى تغييرات جوهرية تمنح الصحفيين قدرة أكبر على الحركة والتعبير.
في ظل هذا الواقع الصعب، ما الدور الذي تقوم به نقابة الصحفيين اليوم؟ وما هي أولوياتها؟
دور النقابة الأساسي هو الدفاع عن المهنة والصحفيين وحقوقهم، سواء في ما يتعلق بالحريات أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. كما تضطلع النقابة بدور مهم في التدريب وملاحقة التطورات التكنولوجية، إضافة إلى دور خَدَمي للصحفيين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. من أولوياتنا الجوهرية إعادة قدرة المهنة على التنوع والتعبير والحركة في الشارع. وهذا جزء أساسي من دور النقابة. إلى جانب ذلك نسعى للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين، ولضمان بيئة عمل عادلة وحرة في الوقت نفسه، تتيح لهم التنافس وتطوير مهاراتهم. النقابة أيضًا منصة للتعبير الحر، ومساحة للحوار حول قضايا المجتمع. وقد حاولنا خلال السنوات الأخيرة استعادة هذا الدور بشكل واضح.
كيف تصف طبيعة العلاقة بين النقابة والجهات الرسمية حاليًا؟
العلاقة هي علاقة تفاوض مستمر. نحاول بناء علاقة صحية تقوم على التفاوض حول مصالح الزملاء والمهنة وتطويرها. أحيانًا تتجه العلاقة نحو التفاهم، وأحيانًا نحو مواجهة أو نقاش أكثر حدة، لكن في النهاية الهدف هو تقديم رؤى الصحفيين والتفاوض حول حقوقهم ومساحات حركتهم، سواء في الشارع أو على مستوى التشريعات التي تضمن حرية العمل وحرية الصحافة وتنوعها. بدون صحافة متنوعة، بالمناسبة، سنكون أمام أزمة أكبر.
أشرتَ إلى غياب التنوع، وهناك تقارير كثيرة تتحدث عن تراجع الأصوات المستقلة في المشهد الإعلامي. هل ترى أن ذلك مرتبط بقرار سياسي أم بمشكلات داخل المؤسسات الصحفية؟
الأزمة ترتبط أولاً بالظرف الذي مرت به مصر خلال السنوات الماضية، وبمرحلة انتقالية صعبة جدًا، وبوجود رؤية عامة للإعلام سادَت لفترة واستسلم لها كثير من الإعلاميين. لكن اليوم هناك رغبة حقيقية لدى الصحفيين في استعادة مساحات تم فقدها. وهذا النقاش بدأ بالفعل، وسيستمر. نحن الآن في علاقة تفاوض مع الدولة بمؤسساتها المتعددة لمحاولة كسر بعض الرؤى الجامدة التي ترى الإعلام كصوت واحد. محاولة فرض نموذج واحد على الإعلام لن تقدّم الحقيقة. الحقيقة لا تتجسد إلا من خلال التنوع، وهذه هي الرسالة التي نحملها في النقابة خلال تفاوضنا مع مؤسسات الدولة. أنا متفائل ببعض الخطوات الأخيرة، ومنها إحساس الدولة نفسها بأن الإعلام في مأزق، ومحاولتها خلق مساحات جديدة، مثل لجنة تطوير الإعلام التي تجرى نقاشاتها حاليًا، تلك النقاشات لا ترضي الجميع، لكنها تظل محاولة لقراءة المشهد والبحث عن مسارات للخروج من أزمته.
ما الذي يطمئنك؟
الصحفيون، رغم الأزمة الكبيرة التي نمر بها إلا أننا لدينا صحفيون مصرون على صنع صحافة مختلفة ولا زال لدينا رغبة في التعليم والتعلم وخلق مساحات أوسع للتعبير عن الناس، طالما هذه الرغبة ما زالت تعيش وتحاول من خلال التعلم والتفاوض على مساحات أوسع، فإن ذلك علامة من علامات البقاء والاستمرار والأمل.
ما الذي يثير القلق؟
تسرب الكسل المهني بسبب التعرض إلى الضغوطات وبسبب التشريعات القيود والخوف الذي سيطر على بعض القطاعات، لكن رغبة البقاء ورغبة التطور والرغبة في صنع صحافة حقيقية تعبر عن الناس أقوى.
استمعوا إلى اللقاء الكامل من خلال الضغط على رمز التشغيل أعلى الصفحة.
يمكنكم الاستماع لبرنامجنا من خلال صفحتنا البودكاست سبوتي فاي و أنغامي
يمكنكم المشاركة على الهواء مباشرة أو التواصل معنا من خلال رقمنا على الواتساب: 0033764439855
يمكنكم متابعة البرنامج على صفحة الفيسبوك




