في نهاية الأسبوع المنصرم احتفلنا بذكرى المولد النبوي. وككل سنة، تتكرر نفس الأصوات: بدعة! ليس للمسلمين سوى عيدين شرعيين، الفطر والأضحى. وكأننا ممنوعون من الفرح خارج هذين اليومين.

صحيح أن التاريخ الفعلي لميلاد نبي الإسلام غير مثبت. العرب آنذاك لم يكونوا يدونون تواريخ ميلادهم بدقة، ولا نملك وثائق تاريخية تؤكد يوما بعينه يناسب ميلاد النبي. لكن… هل يختلف الأمر كثيرا عن عيد الميلاد المسيحي؟ كثير من الباحثين يشيرون إلى أن عيسى ربما وُلد في فصل الربيع، لا في ديسمبر. ورغم ذلك، أصبح الكريسماس جزءا من تقاليد العالم: أضواء، شجرة، لون أحمر ارتبط أصلا بحملة تسويقية لشركة مشروبات في يدايات القرن العشرين، ثم ترسخ كرمز للاحتفال.

اليوم، يعتبر الكريسماس بالنسبة للكثيرين ليس فقط عيدا دينيا، بل مناسبة اجتماعية، فرصة للفرح والتجمع العائلي وتبادل الهدايا. فما الذي يمنع المسلمين من أن يجعلوا من ذكرى المولد لحظة مماثلة؟ لحظة للفرح، لصلة الرحم، للاجتماع العائلي، فرصة لإدخال السرور على الأطفال، ولتجديد معاني المحبة التي قام عليها الدين في أصله؟

سواء كان تاريخ المولد صحيحا أم لا، وسواء احتفل به المسلمون الأوائل أم لم يحتفلوا، ما الضرر في أن نصنع من هذا اليوم مناسبة للفرح؟ لماذا يُصر البعض على حرمان الناس من لحظات الفرح النادرة في زمن تتزاحم فيه الأزمات والضغوط؟ أليس الاحتفال بهذا اليوم هو أيضا فرصة لصلة الرحم والتواصل؟ ما الضرر في هذا الاحتفال؟ هل يؤثر في الدين والتدين؟ هل يُخرج من الدين أو ينتقص من فعل العبادة؟

باختصار، دعوا لنا كل فرص الفرح والاحتفال والحب. أن نفرح لا يعني أن نخون الدين. أن نحتفل لا يعني أننا أقل إيمانا. بل ربما، العكس تماما: أن نُدخل الفرح والسكينة إلى قلوبنا هو

في حد ذاته عبادة، وممارسة إنسانية قبل كل شيء، وفرصة للكثير من الناس للاحتفاء بنبيهم وبدينهم!