غادة عبد العال : السند
Description
بوست بسيط على الفيسبوك بيتكلم عن موقف المفروض إنه يثير مشاعر التعاطف ويخلي عينيك ترغرغ بالدموع من كتر ما هو بيزغزغ فيك كل جميل، لكن في الحقيقة فالبوست ده تحديدا خبط عندي في دمل، حابة أتكلم عنه يمكن تكون حاجة تلفت نظر حد بيربي أولاده حاليا على مشكلة ممكن يخلقها عندهم وبينهم وهو كان في الأصل بيقصد خير.
البوست كان بيتكلم عن بنتين توأم طالبات في إحدى الكليات الفنية، لكن فيه واحدة فيهم أشطر وأسرع من التانية، فالبنت الشاطرة بتستنى أختها على ما تخلص وتأخر نفسها عن تسليم شغلها وكمان بتساعدها بنصايح وإرشادات عشان يبقى شغلهم قريب لبعض، وكانت صاحبة البوست بتشكر في تربية أمهم ليهم.
والحقيقة إن ده فكرني بطفولتي، لإني كنت طفلة متفوقة دراسيا وأخويا ما كانش في نفس المستوى، وعلى الرغم من تفوقه في المجال الرياضي واللي حقق فيه بطولات وإنجازات، لكن أمي ما كانتش بتقيس التفوق غير بالدراسة والمدرسة، وبناءا عليه فكان لخوفها على إحساسه ومراعاة ليه كانت دايما بتوجهني لإني ما احتفلش بأي تفوق أو إنجاز وإني دايما أتكلم بصوت واطي لما أحب أقولها إني نجحت في شيء. وده انسحب على كل أوجه حياتي ، وشيء استمر معايا حتى يومنا هذا، وخلاني أخجل من أي تفوق أو نجاح، وأفسد عليا تماما فرحي بأي إنجاز أحققه.
والحقيقة إن دي مش حكايتي أنا بس، كل عيلة كده، دايمًا فيه واحد "اللمّاح"، اللي بيحلّها قبل ما تتقال، واللي المدرسين بيحبوه، والجيران بيستعينوا بيه في ضبط الراوتر لما النت يفصل.
وفيه كمان أخوه اللي لأسباب خاصة بقدراته أو رغبته في عدم بذل مجهود، ما بيكونش في بؤرة الأضواء. ولما الأم تحديدا بتاخد بالها من كده، بتشجع الضعيف، لكنها كمان أحيانا بتحسس القوي إن قوته دي شيء لازم يخجل منه أو يخبيه قصاد أخوه..
تبدأ الحكاية بدافع نبيل: "ما ينفعش أخوك يزعل"، "بلاش تحرجه قدام بابا".
فمع الوقت بيبقى أول ضحية من ضحايا الذنب العاطفي العائلي، وبيتعلم من صغره يبطل يلمع، وإن هو ده بس اللي هيخليه لأخوه السند..
كأنهم بيقولوا له: "خليك أصغر من نفسك شوية علشان تفضل محبوب“”وطي سقف نجاحاتك عشان نفضل عايشين في تجانس تحت سقف واحد“
والطفل، اللي المفروض يكبر بثقة في نفسه وأفعاله، بيكبر وهو معتقد إن أي تفوق محتاج إذن مسبق من الآخرين.
علم النفس بيقولك إن الطفل اللي بيتصرف كده، بيكون غالبًا،أكثر حساسية من إنه يتحمّل إن حدّ يكرهه. فيييجي على نفسه علشان حب أمه ليه (أو أيا كان اللي بينصحه) ما ينقصش، فيتحول النجاح نفسه لحِمل تقيل.
أما الأخ التاني، فغالبا بيطلع معتقد إن الدنيا كلها لازم تراعيه، وإن ذكاء أخوه أو نجاحه سلوك عدواني موجه ضده.
طب والعلاج؟ يا للأسف مش سهل، عقد وجراح الطفولة مش بتتحل بسهولة، لكن يمكن الطفل الأول في الحالة دي بيحتاج "إعادة تعريف“إن التواضع مش إنك تقلّل من نفسك. والتعاطف مش إنك تمحيها. وإن اللي بتحبه فعلاً، ما بيستفيدش من إنك تصغر نفسك علشانه. بيستفيد أكتر لما يشوفك بتكبر قدامه، فيتعلم يشب لحد ما يطول هو كمان. وساعتها إنت وهو هتبقوا أكبر وعلاقتكم ببعض هتبقى أقوى وتبقوا فعلا في الوقت ده لبعضكم سند..