فرنسا: سيباستيان لوكورنو على محك الأزمة السياسية المفتوحة
Description
بلغ مسلسل الأزمات السياسية في فرنسا أوجه منذ إعادة تكليف سيباستيان لوكورنو بتشكيل الحكومة بعد فشله في المرة الاولى، وهكذا تم الإعلان يوم الاحد الثالث عشر من أكتوبر عن الفريق الوزاري الجديد الذي يتكون في معظمه من وزراء من "الكتلة المركزية" الموالية للرئيس ايمانويل ماكرون واليمين التقليدي مع ردفه بوزراء من وسط اليسار والمجتمع المدني.
وسرعان ما عبر أكبر فريقين معارضين : حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وحزب فرنسا الابية اليساري الراديكالي، عن سخطهما مع تركيز السهام ضد الرئيس ماكرون ؛ اذ طالب الاول بانتخابات نيابية مبكرة، بينما طالب الثاني باستقالة الرئيس الفورية ، علماً ان احد رؤساء الحكومة السابقين ادوار فيليب المحسوب على الماكرونية ، طالب سيد الاليزيه بتنظيم خروجه وتحديد موعد مسبق للانتخابات الرئاسية قبل ربيع العام 2027 .
في اطار هذا المشهد السياسي المنقسم والمشتت وعدم امتلاك الحكومة الجديدة لأغلبية برلمانية ، أقدم لوكورنو على خطوة تسوية تعهد فيها بعدم استخدام المادة 49.3 من الدستور وتعليق إصلاح نظام التقاعد، الذي يُعدّ رمزًا لحصاد ماكرون المحدود في ولايتيه الرئاسيتين. وقد جرت هذه التنازلات من أجل ضمان تأييد الحزب الاشتراكي مؤقتًا، وبالتالي تجنب سقوط الحكومة بواسطة اقتراحات حجب الثقة من قبل الفريقين المعارضين الأساسيين .
بالفعل، نجا سيباستيان لوكورنو من السقوط خلال التصويت على عريضة حزب فرنسا الابية وحلفائه لكن بفارق ثمانية عشر صوتًا فقط.
ولم يكن الإطمئنان على الموعد فحسب ، اذ ستكون المواجهة اكثر صعوبة في الأسابيع المقبلة خلال النقاشات حول الميزانية العامة ، وهنا سيكون سيباستيان لوكورنو تحت ضغط مزدوج من الحزب الاشتراكي الذي سيراقب تأقلم مواد الميزانية مع تعليق اصلاح نظام التقاعد ، وكذلك من " الجمهوريين" ( الحزب اليميني التقليدي) المشارك في الحكومة والرافض للتخلي عن اصلاح التقاعد .
على الهامش تدور معركة اخرى ضمن اليسار ، اذ يقوم حزب ميلانشون ( فرنسا الابية) بمناورة لاستعادة السيطرة على كل اليسار لاستيائه من موقف الاشتراكيين وفشل اقتراح حجب الثقة، وذلك من خلال مسعى شقّ صفوف الحزب الاشتراكي من الداخل بدعوة عناصره إلى الانشقاق. كما يسعى حزب اليسار الفرنسي (LFI) إلى تمتين التحالف مع حزب حماية البيئة والشيوعيين .
وفي اطار اخر يبدو الاقتصاد الفرنسي مهدداً.
وحسب المرصد الفرنسي للتوقعات الاقتصادية (OFCE)، ستصل الخسائر إلى عشرين مليار يورو. وهو الرقم المتوقع أن تُكلّفه حالة عدم اليقين السياسي في فرنسا في عامي 2025 و2026.