لي بوينت ما: الإنسان ونزعته التدميرية... عدو أم صديق؟
Description
تجمع البشرية بين النوايا الصالحة والتصرفات الشريرة، فالإنسان يعيش في دائرة تناقضات تجمع بين الخير والشر. تجسدت هذه الجوانب المتضاربة للإنسان في أعمال العنف، القتل، التدمير، والبطش، والتي تبدو كأنها تناقض لرغبته الأساسية في تحقيق الخير والسعادة. يمكننا أن نجد أنفسنا أحيانًا في حالة تساؤل حول طبيعة الإنسان: هل هو عدو للإنسانية أم صديق لها؟
الكاتب الهندي الساخر بهيشام ساهني واجه هذا التناقض في قصصه، حيث وصف الإنسان بطريقة ساخرة تظهر جميع جوانبه الغريبة والتناقضية. في الوقت الذي يتطلع فيه الإنسان إلى خلق عالم أفضل وحياة أكثر سعادة، يظهر في الوقت نفسه قدرته على ارتكاب الجرائم البشعة وإشباع رغباته القسوة.
لفهم هذا التناقض البشري، استعان عالم النفس الاجتماعي الألماني إريك فروم بكتابه "تشريح التدميرية البشرية"، حيث نقلنا إلى عالم معقد من التحليل النفسي للإنسان. هنا نجد أنه يتساءل عن طبيعة الإنسان وما إذا كان لديه رادع طبيعي للقتل.
فروم يشير إلى وجود رادع طبيعي للقتل، وهو ما يُعرف بـ "العدوان المضاد". يعتمد هذا الرادع على الخوف والقلق الذي يشعر به الإنسان عند مشاهدة العنف، مما يدفعه إلى الابتعاد عنه أو مقاومته. بالإضافة إلى ذلك، لديه الإنسان غريزة قوية للبقاء على قيد الحياة، وهذه الغريزة تجعله يسعى إلى حماية نفسه من أي خطر.
ومع ذلك، يمكن للإنسان أحيانًا أن يتجاوز هذا الرادع الطبيعي للقتل، مثل عندما يشعر بالتهديد أو يتعرض للتلاعب أو يفقد إيمانه بالقيم الإنسانية. هذا يثير تساؤلات حول إمكانية تغيير الإنسان والتحكم في تصرفاته العدوانية.
فيما يخص تسليط الضوء على طبيعة الإنسان ككائن مفترس، فإن فروم يعتبر أن الإنسان ليس حيوانًا مفترسًا بطبيعته. إذا كان لديه القدرة على الحب والعطف، وهو يسعى إلى التعاون وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين. ومع ذلك، يمكن للإنسان أن يتصرف بشكل عدواني في بعض الحالات، على سبيل المثال عندما يشعر بالخوف أو يتعرض للظلم.
في عالمنا المعاصر، نجد أن هناك صلة بين التدميرية وعبادة التقنية. حيث أصبح الإنسان يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، مما أدى إلى تراجع دوره كفاعل مستقل ومسؤول. يمكن أن يؤدي هذا إلى تزايد التلاعب بالأفراد وزيادة استعدادهم للمشاركة في أعمال العنف.



