من فترة ليست بالطويلة ظهر سؤال يبدو كلعبة شاركتها مستخدمات التيك توك، لكن السؤال كان يخفي خلفه بعد فلسفي مهم عن شكل الحياة اللي بتعيشها النساء في العالم الآن.

كان السؤال بيقول: يا ترى لو كنتي لوحدك في غابة تفضلي إنك تقابلي رجل والا دب بري؟

وكانت النسبة الكاسحة من إجابات النساء بتفضل مقابلة كائن متوحش بري زي الدب، ولا إنهم يقابلوا رجل وهم في غابة لوحدهم.

السؤال انتشر انتشار النار في الهشيم، والإجابات كانت محيرة وغريبة وأحيانا مضحكة لرجال كتير، القليل منهم اللي حس بالصدمة من الاختيار الغريب لكنه التلقائي والجماعي للنساء.

ثم دخل علماء علم النفس والاجتماع على الخط وبدأوا يحللوا إجابات النساء. لأن الموضوع مش عن الدب، الموضوع عن تجارب النساء مع الرجال.

ببساطة الستات اختاروا الدب لأن الدب لو هاجمك فده لإن دي طبيعته، غريزته، مش هيهاجمك تحديدا لإنك ست، إنتي بالنسبة له مجرد وجبة غدا. الدب واضح في نواياه، يا هيهجم عليكي يا هيسيبك، مافيش مناطق رمادية تخليكي بتشكي في نفسك ومش عارفة تتعاملي معاه ازاي. الدب مش هيقولك إنتي السبب اني هجمت عليكي، ما تشوفي انتي لابسة ازاي؟ أنا كنت ماشي في حالي في الغابة إنتي اللي اتحرشتي بيا بلبسك وماكياجك. الدب مش هيتعامل بطريقتين لو كان عارف عنك إنك بنت مسالمة ومش هتشتكيه، وبطريقة تانية لو عارف انك قوية وهتفضحيه.  

أما الرجل الغريب في مكان معزول؟ فكتير من النساء اللي عايشين فيما نحن كلنا عايشين فيه من ثقافات بتشهد عنف متكرر تجاه النساء، قالوا إن فيه احتمال انهم يطلعوا سالمين من مقابلة الدب، لكنهم مش قادرين يثقوا إنهم هيطلعوا من نفس الموقف مع رجل سالمين، سواء بدنيًا أو نفسيًا.

والإجابات دي ما كانتش من فراغ، كل ست شاركت في اللعبة اتعرضت بشكل أو بآخر لتجارب تحرش، لعنف منزلي، لعلاقات سامة، لخوف يومي في الشارع والمواصلات، وللوم المجتمعي للمرأة حتى لو كانت ضحية. 

فكان السؤال بالنسبة لعدد كبير من النساء مش لعبة،  بل مرآة لحقيقة إنهم مش حاسين بالأمان مع “الغريب”، لمجرد إنه رجل. كما أنها فتحت باب مهم لنقاشات عن التربية، السلوكيات الذكورية الموروثة وفكرة إن الأمان مش شيء بديهي للنساء كما هو للرجال.

أما لو فيه درس واحد من التجربة دي فهو:

إن النساء عشان يحسوا بأمان مش محتاجين إلى دببة أقل في العالم ،بل هم في أمس الحاجة إلى رجال يمكن الوثوق بهم.