نازحو الجنوب: مشاعر متناقضة... وفرحة العودة لم تكتمل
Description
آلاف النازحين الجنوبيّين سارعوا للعودة إلى قراهم ومنازلهم مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، وسط مشاعر متناقضة، بين فرح العودة، وغصّة الفقد.
منازل مهدّمة وأخرى متصدّعة وشوارع يغطيها الركام ويفقدها معالمها ودمار واسع في البنية التحتية أفقد الحياة مقوماتها الأساسيّة فما كان من كثر إلّا أن عادوا أدراجهم إلى مكان نزوحهم بعد تفقّدهم لمنازلهم وممتلكاتهم... الريبورتاج من إعداد مراسلتنا في جنوب لبنان فالنتينا سمعان.
مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، انطلقت قوافل النازحين للعودة إلى القرى الجنوبيّة، وسط دمار هائل وصادم في بلدات منكوبة بكل ما للكلمة من معنى. نظرات مليئة بالذهول والأسى وحناجر تختنق بالكلمات أمام هول الخراب الذي حلّ في كلّ مكان، وغصّة محمد خير دليل...
الدمار ما بينوصف، وصلنا على البيت اخدنا المفتاح من السيارة بدنا نفتح باب البيت لقينا الباب مفتوح على وسعو من اثر الغارة اللي جاي قريبة منو، الدمار كان كتير كتير، الردم على الكنبايات، على التخوتة، الخزائن مخلوعة، الثياب طايرا من الخزاين، جاي فيها حجارة، أغصان شجر وورق شجر، الشبابيك مقبوعة من محلا، عدنا سكرنا هالباب وبطريقة سندنا وضهرنا حملنا حالنا وفلينا.
كلّ شيء تحوّل إلى ذكريات، البشر رحلوا والحجر تهدّم ومشاهد وقصص تدمي القلوب، ومع ذلك أمل بفرج قريب تنتظره خديجة وغيرها آلاف الجنوبيّين...
يعني فرحة ممزوجة بالغصّة بالدموع، المشاهد اللي شفناها بالضيعة كتير رهيبة، لإنو كان في دمار كتير، كان في قصف كتير، كان في بعد شهداء تحت الردم عم ينشالو، أكيد يعني هيدا الشي نحنا منحزن ومنرجع منقول هيدي حرب، الفرحة اللي بدنا نوصلا بدها تكلّف بالأول غصة وقهر وحرقة قلب، هيدي الحرب يعني ثمنها معروف بس المهم انو الحصاد اللي منحصدو آخر شي بيكون بيثلج القلب متل ما بيقولوا.
رحلة العودة ليست بالسهلة أبدًا، فمعالم بلدات عدّة اختفت، وأحياء بأكملها عزلت، ومقومات الحياة فُقدت على أنواعها، وهو ما جعل بداية تتروّى في العودة وبعدها في البقاء...
ما بخفي انو بيتي الحمدلله أضرارو هينة قدام الدمار المرعب اللي كان، ولكن هيدا الشي كمان ما بيعني انو متوفرة كل مقومات الحياة، اللي لازم او اللي بتيح الي ولعيلتي انو نحنا نكمل، ما في كهرباء، ما في ميّ، كلّ مقومات الحياة الأساسية ما في دكاكين فاتحة، ما في محطات بنزين، يعني هيدا شي عم بيخليني فكر صراحة انو ما كفي، لانو انا اليوم ما نمت ببيتي نمت عند أقارب الي، وهيدا شي يمكن عم بيخليني فكّر كمان ألف مرة اني ارجع عالاقل لكانت تأمنت هيدي مقومات الحياة.
تجارب الحروب كشفت أنّ وقفها لا يكفي للعودة إلى الديار فورًا، وهو ما أثبتته هذه الحرب، فللعودة شروط لا بدّ أن تتوافر، فهل تستغرق العودة إلى الجنوب وقتًا طويلًا أم أنّ الفرج قريب؟