بعد سقوط نظام بشار الأسد.. هل هي عودة لربيع الثورات؟
Description
يمثل سقوط نظام بشار الأسد منذ أسبوع حدثا فارقا في تاريخ الشعب السوري الذي عانى الويلات جراء استبداد طال لأكثر من نصف قرن. يأتي ذلك بعد سنوات من الحرب التي حلت بدلاً من الاحتجاجات السلمية في منطقة درعا، وبعد أن أصبحت الساحة السورية مسرحًا لصراع إقليمي ودولي.
وقد صاحب هذا التحول في سوريا عودة الحديث في الساحة العربية عن الثورة والثورات وسقوط الطغاة. يتزامن ذلك مع حلول الذكرى الرابعة عشر لاندلاع الشرارة الأولى لموجة الثورات هذا الأسبوع. فهل هي عودة لهذا الحدث التأسيسي؟ أم هي مجرد استعادة لذكرى في سياق يحكمه الخوف واليأس؟
ما من شك في أن الحدث السوري الأخير الذي أدى إلى سقوط استبداد "آل الأسد" أعاد وضع موضوع الثورات على طاولة الاهتمام العربي، سواء الرسمي أو الشعبي.
فسقوط بشار الأسد يعيد بالتأكيد صورة رؤساء الاستبداد الذين سقطوا تباعا بعد عامي 2011 و2012، مع ما يمكن أن يحمله ذلك من آمال جديدة في التطلع إلى الحرية. غير أنه يعيد أيضا شبح الخيبات التي تلت سقوط الاستبداد في العديد من البلدان مثل ليبيا والسودان واليمن.
ترافق ذلك التخوف مع الملابسات التي صاحبت الحدث السوري في الفترة الأخيرة. فقد بدا سقوط دمشق وكأنه نتيجة لحرب أهلية أكثر منه نتيجة لثورة شعبية كما كانت البداية في منطقة درعا.
كما أن هذا السقوط جاء أساسا على يد فصيل مسلح ينتمي إلى التيارات الجهادية. والمؤشرات الأولى لانتقال السلطة حتى الآن غير مطمئنة، إذ انفرد بتعيين رئيس حكومة من بينهم.
كما بدأت بوادر التوجه نحو تطبيق الشريعة تظهر في تصريحات وزير العدل الجديد. أما التخوف الأكبر فقد يتمثل في بداية المواجهات بين عناصر ردع العدوان والفصائل الكردية المشكلة لقوات سوريا الديمقراطية.
إضافة إلى هذه الهشاشة الداخلية، هناك المنحى الواضح للتدخل الخارجي، خاصة من طرف تركيا التي تعد ربما اليوم اللاعب الخارجي الوحيد على الميدان.
مظاهر القلق من الثورات العربية ليست جديدة، وهو ما نلاحظه في الحالة التونسية التي تحتفل هذا الأسبوع بالذكرى الرابعة عشر لاندلاع ثورتها، والتي كانت الشرارة الأولى لبقية الثورات العربية.
ومع ذلك، فإن هناك خيبة أمل مما حدث بعد الثورة، من تكالب على الحكم، وعودة شبح الإرهاب، وزيادة تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يفسر إلى حد ما محاولة العودة إلى الحكم التسلطي مع الرئيس الحالي قيس سعيد.
لكن يجب الإقرار من وجهة نظر تاريخية أن الثورات العربية كانت فقط فاتحة لمسار باتجاه الحريات والحقوق، وربما سيطول هذا المسار.