المنعطف اللبناني الجديد: الخلفيات والآفاق
Description
يعد التاسع من كانون الثاني/ يناير 2025، منعطفاً في الحياة السياسية اللبنانية. وهو يوم انتظره اللبنانيون طويلاً بعد شغور رئاسي وتغييب لمنطق الدولة. وهذا التعطيل للمؤسسات اللبنانية ليس الاول من نوعه بل حصل منذ اغتيال رفيق الحريري عام 2005 وتفاقم بعد اتفاق الدوحة في 2008 وفرض حزب الله الفيتو مع كل استحقاق ليضمن هيمنته على مفاصل القرار.
بيد انه لم يكن أمام حزب الله، الذي أضعفته الحرب الإسرائيلية وسقوط بشار الأسد في سوريا وانحسار محوره، خيار آخر سوى قبول انتخاب العماد جوزيف عون، قائد الجيش اللبناني، رئيساً للبنان.
مع العلم ان انتخاب هذا القائد العسكري أتى نتيجة ضغوط قوية مارستها واشنطن وباريس وكذلك الرياض، ويعد خطوة أولى لاستعادة المؤسسات وتعزيز الهدنة في جنوب لبنان، وكان من الجلي ان تطورات المنطقة وتغييراتها الجيوسياسية تقتضي اعادة ترتيب البيت اللبناني.
وفي اطار آخر، يمكن القول ان الضغوط حصلت بعد الفشل اللبناني الصارخ والمتمادي، ومضي اكثر من نصف ولاية المجلس النيابي. اما الشكوى من التدخلات تغفل ان الانتخابات الرئاسية اللبنانية بعد 1970 كانت دوماً ثمرة تدخلات اقليمية او دولية .
وكان من اللافت ان الرئيس المنتخب فاجأ ايجابيا اللبنانيات واللبنانيين والعالم عندما تعهد في خطاب القسم بإعادة الدولة، التي هي اليوم في حالة يرثى لها، إلى قلب اللعبة. والاهم ان جوزيف عون استخدم لغة الدولة، واعلن بالفم الملآن ان السلاح سيكون حصريا بيد الدولة التي ستكون الملاذ الاول والأخير للجميع . وكان الخطاب وطنياً ومؤسساتياً وشفافاً بعيدا عن اللغة الخشبية والوعود المعسولة . واخذ الرهان يزداد بعد سنوات طويلة،على امكانية تحقيق الإصلاحات والتغيير.
من خلال خطاب القسم نستشف خارطة طريق من أهم بنودها بسط الدولة سيادتها واسترجاع قرار السلم والحرب ، والتركيز على استقلال القضاء وعدم القبول بالمحاصصة ، وضرب منظومة الفساد مع انصاف المودعين، وإطلاق ورشة الإعمار والإصلاح الاقتصادي وبناء علاقات جيدة مع الشرق والغرب والتوصل لعلاقات ندية مع سوريا الجديدة مع منع التدخلات الخارجية .
لا تبدو المهمة يسيرة وسقفها عال ، لكنها تعد اشارة الانطلاق للبنان الجديد. ان الفرصة موجودة إذا نجح الحكم الجديد في استكمال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة .
والمطلوب بقاء الزخم الاقليمي - الدولي الذي واكب انتخاب الرئيس ليمنع الطبقة السياسية من استغلال الفترة الانتقالية من الان إلى الانتخابات التشريعية في ربيع 2026 وافشال كل محاولة للعودة للتعطيل والمحاصصة.
الاهم انه اصبح للدولة عنوان وان الافق واعد.